للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حفظ المجتمع وحمايته من الفساد]

ننتقل بعد ذلك للإشارة إلى صور من الأمانة التي يجدر بالأمة أن تحملها، وأن تتواصى الأمة كلها بأن تحملها، وأن تقوم بها وبأدائها، وهي صور على سبيل المثال لا الحصر، فالمقام لا يتسع لأكثر مما نورد، والمقام يدعونا إلى الإشارة، والحر تكفيه الإشارة.

من الأمانات المهمة التي ينبغي أن يتحملها المجتمع كله وأن تتحملها الأمة كلها: المحافظة على المجتمع وحمايته من الفساد.

أسألكم جميعاً معشر الإخوة الكرام، وأوجه سؤالي للأخوات والإخوة جميعاً: أفيكم أحد مرت به ساعة شك فيها، أو أحتاج إلى من يثبت له أن مجتمعات المسلمين مستهدفة؟! أيشك أحدنا أن هذه المجتمعات يراد لها أن تغوص في أوحال الرذيلة والفساد، وأن تتخلى عن دينها؟! كيف نشك في ذلك ونحن نقرأ قول الله سبحانه وتعالى الذي لا يبدل القول لديه -وكتاب الله عز وجل ما فيه إلا صدق وحق، ولا مجال فيه للمناقشة والمراجعة-: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:١٢٠]، وقول الله تعالى: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة:٢١٧]، وقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران:١١٨].

فإذا كان هناك يهود ونصارى فلن يرضوا عن هذه الأمة حتى تتبع ملتهم، فارتماء الأمة في أوحال الفساد والرذيلة، وتخليها عن دينها، واختيارها للشعارات الأرضية الباطلة، كل هذا لا يكفي ولا يرضيهم، فلا بد أن يسوقوا الأمة إلى أن تتنصر أو تتهود.

وها نحن نرى صور الفساد وتيارات الهدم والفتن تتوارد على مجتمعات المسلمين، ولستم بحاجة إلى أن أثير أشجانكم بذكر الأمثلة والصور والتناقضات، ويكفي أحدنا دلالة على ذلك أن يخرج إلى شارع من شوارع المسلمين، وإلى سوق من أسواقهم، وإلى مجتمع من مجتمعاتهم؛ ليرى نتاج هذا الغزو، ونتاج هذا التدمير الذي يراد بهذه الأمة.

فهذه المجتمعات المسلمة مستهدفة، ومجتمعاتنا يراد لها أن تتنكب الطريق، إذاً: فمن المسئول عن الحفاظ على المجتمع؟! ومن المسئول عن الدفاع عن المجتمع؟! ومن الذي ينبغي عليه أن يقف في خندق الدفاع عن هذا المجتمع، وعن عقيدته ودينه وخلقه وسلوكه؟! ومن المخاطب بذلك؟! أليس أبناء المجتمع كلهم؟! أليس المسلمون كلهم ينبغي عليهم أن يقفوا صفاً واحداً في الميدان؟! إذاً: فالأمانة الأولى -معشر الإخوة الكرام- أمانة نتحملها جميعاً، وهي أن نقف جميعاً في خندق الحماية والذب والدفاع عن حرمات هذا المجتمع، وعن دينه، وعن عقائده، وعن خلقه، وأن نقف في وجه هذه الحملة الغاشمة الظالمة التي تسعى لاقتلاع مجتمعات المسلمين، ولو أن المسلمين جميعاً أدركوا الأمانة والدور والمسئولية لما استطاع أولئك أن يصنعوا شيئاً، ولارتدت سهام أولئك في وجوههم، ولارتدت إلى نحورهم.