للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الموقف المطلوب عند هلاك قادة الأمة]

السؤال

هناك أناس قد نافحوا عن الإسلام وتصدروا لهذه الصحوة، ثم أتت عليهم رياح فاقتلعتهم، ثم أصيب بعض المسلمين بإحباط بسبب هذا، فهل فعلهم صحيح؟

الجواب

لا شك أن هذا دليل على مرض في الأمة أشار إليه مالك بن نبي رحمه الله بقوله: إن الأمة تتعلق بالأشخاص.

فالمسلمون دائماً يندبون فيقولون: قم يا صلاح الدين.

ويتمنون أن يرزق الله هذه الأمة قائداً مثل صلاح الدين؛ حتى يعيد لها مجدها، ولكن لم تفكر الأمة يوماً من الأيام أنه يمكن أن يكون بين يديها صلاح الدين، فإذا كان هناك ناس اقتلعتهم الرياح، فماتوا، أو مضوا، أو أصابهم ما أصابهم، فهل الأمة عاجزة عن أن تخرج من يقوم بهذا الدور؟! ما عقمت نساء المسلمين، وما توقف الأمر، ولكن مشكلة الأمة أن تعلق قضيتها بشخص أو بشخصين أو بأشخاص، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعاً ينتزعه من قلوب العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رءوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا).

لكن حين نقوم، وننشر العلم، ونتعلمه، وندعو إليه، ونسعى إلى تحصيله؛ فإننا لا نلبث حتى نسد هذا الفراغ الذي تركه أولئك.

ألم يكن في الأمة مثل الإمام أحمد ويزيد بن هارون وغيرهم ممن كان لهم دور فماتوا، فأوجدت الأمة بعدهم من قام بالأمانة؟! ألم يكن فيها مثل شيخ الإسلام والعز بن عبد السلام ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم؟! وما تلبث الأمة حتى تخرج لنا في كل عصر ووقت ومصر أفذاذاً من هؤلاء، فلئن مضى أولئك، وتوسدوا الثرى، وطوتهم الأحداث والسنون، فإن الأيام كفيلة بأن يأتي غيرهم، وحين نعلق القضية بأشخاص فأننا لا يمكن أن نصنع شيئاً.