للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خالد بن الوليد يمنعه الجهاد عن كثير من القراءة]

نريد أن نقف الآن عند نموذجين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: خالد بن الوليد رضي الله عنه، وأبو ذر خالد بن الوليد أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وله مناقب، فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه سيف من سيوف الله، ونعم أخو العشيرة، ويقول عمرو بن العاص رضي الله عنه: ما عدل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبـ خالد في حربه أحداً منذ أسلمنا.

أي أنه كان لا يقدم عليهما أحداً، والحديث رواه الطبراني.

وخالد رضي الله عنه كما في الصحيحين احتبس أدرعه وأعتده في سبيل الله عز وجل، وفي غزوة حنين جاء النبي صلى الله عليه وسلم يتخلل الناس يبحث عن خالد رضي الله عنه فنفث في جرح كان قد أصابه، وهذا الحديث في المسند.

خالد هو الذي يقول عبارته المشهورة: ما من ليلة يُهدى إليّ فيها عروس أنا لها محب بأحب إليّ من ليلة شديدة البرد كثيرة الجليد في سرية من المهاجرين أصبّح فيها العدو.

وهو القائل: لقد شهدت زهاء مائة زحف، وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة من سيف وطعنة من رمح إلى آخر الحديث.

خالد رضي الله عنه يقول قيس بن أبي حازم عنه: سمعت خالداً يقول: منعني الجهاد كثيراً من القراءة.

ذكره الحافظ في المطالب بلفظ: لقد منعني كثيراً من قراءة القرآن الجهاد في سبيل الله، وقد رواه أبو يعلى والهيثمي وقال فيه: رجاله رجال الصحيح.

إذاً خالد بن الوليد رضي الله عنه في هذه المناقب وهذه الفضائل وصار سيفاً من سيوف الله، وهو الذي أطفأ الله على يديه نار المجوسية في العراق، وكان له دور كبير أيضاً مع الروم في غزوة اليرموك، وقبل ذلك كان له دور في تأديب المرتدين، ومع ذلك لا تكاد تجد فتوى لـ خالد رضي الله عنه، ويندر أن تجد له قولاً في تفسير آية من كتاب الله سبحانه وتعالى، بل إنه قد قال: (لقد منعني الجهاد كثيراً من قراءة القرآن) ويروى أن سبب هذه المقولة أنه صلى بهم إماماً فأخطأ في قراءته، فها هو مثلاً خالد رضي الله عنه قد نبغ في هذا الميدان وبرز في هذا الميدان، ولا شك أنه قد فاته ما حصّله أُبي بالقراءة، وما حصّله معاذ بعلم الحلال والحرام، وما حصله ابن عباس بالتأويل وفقه الكتاب، وما حصّله سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من سائر أبواب الخير، ولكن هذا لن ينقص شأنه ومكانته وفضيلته.