للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى المجاهرة بالذنب]

السؤال

ذكرتم أن من يذكر ذنبه لصاحبه يدخل في حديث من جاهر بالذنب، والذي يظهر أن المقصود بالحديث من يذكره على سبيل التفاخر، بخلاف من يذكره على سبيل الندم، وإن كان خطأً، لكن لا يعد من المجاهرين؟

الجواب

هذا الذي يظهر للآخر، لكن قد يظهر لغيرك خلاف ذلك، وهي ثلاث صور يجب أن نفرق بينها: الصورة الأولى: أن يذكره على سبيل الفخر.

الصورة الثانية: أن يذكره ليستفتي ولم يجد حلاً إلا أن يصرح لفلان فيشكو له المشكلة.

الصورة الثالثة: أن يذكره على سبيل الندم.

فيسوغ له إذا كان سيستفتي وعنده مشكلة وما وجد حلاً لها إلا أن يصرح لصاحبه، مع أنه يمكن أن يبحث عن وسائل أخرى.

لكن ذكره على سبيل الندم ما الداعي إليه، إذا ندمت يا أخي فدعها بينك وبين الله، واستتر بستر الله، والنبي صلى الله عليه وسلم حين بايع أصحابه قال: (فمن أصاب منكم شيئاً فعوقب به فهو كفارة له في الدنيا، ومن ستر الله عليه فهو تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له، وإن شاء عفا عنه)، وفي حديث النجوى إيماء إلى ذلك، بل البخاري رحمه الله بوب على حديث النجوى في كتاب الأدب: باب ستر المسلم على نفسه، وبوب على حديث: (كل أمتي معافى).

وحين جاء رجل يشكو للنبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا رسول الله أصبت من امرأة قبلة، قال عمر: ألا سترت على نفسك)؛ ومعناه أن المتقرر عند الصحابة أنه كان الأولى أن يستر على نفسه، مع أنه جاء مستفتياً يسأل هل عليه كفارة أم لا؟ وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم، وأن يجمعنا وإياكم في دار كرامته ورحمته إنه سميع مجيب، هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.