للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التخلف الحضاري عند المسلمين]

وقفة رابعة: حين ترى واقع المسلمين في الحج، ترى مظاهر مؤلمة ومؤذية، ترى مظاهر تدل مع ما سبق الإشارة إليه من الوقوع في الشرك والجهل في العبادة، ترى أيضاً مظاهر من صور التخلف الحضاري عند هذه الأمة، إنك ترى من لا يتردد في أن يرمي زجاجة الماء في طريق الناس، من لا يتردد في أن يقضي حاجته هنا وهناك، وترى الطرق والأزقة قد علتها القاذورات، وترى الفوضى بين الناس ففي مرورهم، في ذهابهم، في إيابهم، في رمي الجمرات، في الطواف ترى ازدحام الناس وخصومتهم وعدم انضباطهم مما يوحي بأن الأمة أيضاً مع أنها تعاني من مظاهر الشرك، تعاني من الجهل في العبادة، من التجرؤ على حرمات الله إلا أنها مع ذلك تعاني تخلفاً حضارياً، فهي تعاني تخلفاً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان، وهو مشهد يؤذينا جميعاً.

ما أجدر أن تكون هذه الأمة قدوة للناس في كل شئونها وحياتها، في توحيدها لله عز وجل، في عبادتها، في أخلاقها، في سلوكها، ومع ذلك أيضاً في مظاهر النظافة والانتظام والانضباط! إنك ترى انعدام مشاعر الأخوة والقضاء عليها، فترى المسلم يخاصم أخاه لا لشيء إلا لأنه دخل قبله في الطريق، لا لشيء إلا لأنه لم يمكنه من هذا المكان أو ذاك، وكم ترى الخصام واللجج ورفع الأصوات بين المسلمين الذين جاءوا خاضعين لله عز وجل، أليس في هذا دليل على أن مشاعر الأخوة بين المسلمين بحاجة إلى من يعيد بناءها؟ بحاجة إلى من يركّز عليها ويعتني بها؟