للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المواقف الحية تبقى في الأذهان أكثر من الكلمات]

الميزة الثالثة للدعوة الصاتمة: إن الكلام ولا شك له أثر عظيم على النفوس، وكم تترك الكلمة الصادقة من أثر، بل كم تصنع الكلمة الصادق من مواقف، لكن الكلمة الصادق مهما كانت تبقى بعد ذلك عرضة للنسيان، فهي تبقى في الذاكرة فترة ثم تزول ويأتيها ما يغمرها ويمحوها.

أما الموقف والمشهد فإنه يبقى في الذاكرة لا يزول أبداً، إن النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم كان مع أصحابه، فرأى جارية من السبي تأتي لرضيعها وتضمه وترضعه، فاستوقفه الموقف صلى الله عليه وسلم وهو الرجل الذي كانت قضية الدعوة وقضية التعليم قضية حية في ضميره صلى الله عليه وسلم، فخاطب أصحابه قائلاً لهم: (أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ فيقول أصحابه: لا، فيقول صلى الله عليه وسلم: لله أرحم بعبده من هذه بولدها)، ويمضي هذا الموقف ويزول، لكن أولئك الذين سمعوا هذه الكلمة من النبي صلى الله عليه وسلم ربما ينسون حديثاً كثيراً سمعوه منه صلى الله عليه وسلم، أما إذا رأوا امرأة ترضع طفلها فإنهم سيتذكرون ذلك الموقف الذي سمعوا فيه تلك الكلمة منه صلى الله عليه وسلم.