للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لن تحيط بكل ما أمرت به]

رابعاً: لن تحيط بكل ما أمرت، فلا تكلف نفسك ذلك، ولا تطالب الناس به.

قد تجد إنساناً فتح الله له في باب من أبواب الخير، مثلاً: واحد من الشباب طالب في الجامعة أو أستاذ وهو مسئول عن مجموعة من طلاب المركز ويستنفذ عليه ذلك وقتاً طويلاً من العصر إلى الساعة العاشرة والنصف مثلاً، ففكّر وقال: أنا يضيع عليّ وقت طويل، والناس يقرءون ويتعلمون، فأنا أريد أن أترك هذا العمل وأذهب إلى طلب العلم، ثم يفكّر تفكيراً آخر فيقول: الناس يسافرون للجهاد في سبيل الله فأريد أن أسافر لأجاهد، ثم يفكّر تفكيراً آخر فيقول: الناس يعينون الفقراء والمعوزين والمحتاجين، ثم يفكّر تفكيراً آخر وهكذا تتقلب به الميادين، أو يريد أن يحيط بكل هذه الأبواب، فمرة تلقاه يعمل هنا ومرة يعمل هناك.

فنقول له: لا يا أخي، لا يمكن أن تأتي بكل هذه الأبواب، أنت ما دام أن الله يسّر لك باباً من أبواب الخير لخدمة هذا الدين فاسلكه ولا عليك من الآخرين، ولا تستطيع أن تحيط بها جميعاً.

وكذلك شخص متوقد الحفظ والفهم والذهن ويسّر الله له طريق العلم فرأى غيره متفرغاً لإنكار المنكرات أو للجهاد أو تربية الشباب فقال: أريد أن أعمل في هذا الميدان، وترك ما هو عليه.

فمن العبث ومناقضة الفطرة والواقع أن تحاول أن تحيط بكل الأبواب، فما دمت -يا أخي- سلكت طريقاً من هذه الطرق ففتح الله لك هذا الباب فامض فيه ولا تتصور أن الآخرين فاقوك، فليست القضية في ميدان دون ميدان، القضية أن تسخّر وقتك وجهدك وما أعطاك الله لخدمة دين الله سبحانه وتعالى، وأن تدعو لسبيل الله سبحانه وتعالى، وأبواب الدعوة وطرق الدعوة واسعة ومتنوعة، كذلك لا تطالب الناس بهذا، فإذا كان هناك عالم يفتي ويحل مشاكل الناس في قضايا علمية فمن العبث أن نطالبه أن يتحدث عن قضايا فكرية ومشاكل معينة قد تحتاج إلى شخص آخر، ومن العبث أنا نطالبه أن يتصدى لتربية الشباب وإعدادهم، ومن العبث أن نطالبه أن يخرج للجهاد أو يتفرغ لإنكار المنكر أو غيره يا أخي هذا سلك ميداناً فلا داعي لأن نطالبه بغيره.

وهكذا، عندما تجد إنساناً يعتني بقضية المرأة فيكتب ويحاضر ويخطب ويتحدث عنها فلا نطالبه أن يلقي محاضرة عن أمور تخص الشباب، أو عن قضية علمية شائكة، أو عن قضية في واقع المسلمين، وهكذا الثاني والثالث، فلا نطالب الناس بكل هذه الأبواب!