للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كيفية التوفيق بين القدوة العملية وكون العمل خالصاً لله سليماً من الرياء

السؤال

كثيراً ما يتردد الإنسان في إظهار بعض الأعمال؛ لأنه يريد أن يكون داعية صامتاً، ولكنه يخاف أن يكون داعية مرائياً، فما الموقف الصحيح هنا؟ ويقول: إذا كان الشاب يحاول أن يكون قدوة لغيره، خاصة لمن هو دونه في أمور الخير، لكن نفسه ضعيفة لا تلبث أن ترائي بعملها، وتتزين للناس؛ فما رأي فضيلتكم؟

الجواب

هذه من القضايا الدقيقة التي ينبغي أن نراقب أنفسنا فيها، وهي ما يتعلق بقضايا الإخلاص والرياء التي يعيش فيها الشاب في تردد بين أن يعمل العمل فيخشى أن يكون هذا العمل رياءً، وألا يكون خالصاً لله تبارك وتعالى، وبين أن يعمل هذا العمل، وربما أدى هذا بالشاب إلى أن يترك أعمالاً كثيرة خوفاً على نفسه من الرياء، ولا شك أن الذي خشي من الرياء يملك قدراً من الإخلاص لله تبارك وتعالى، وأن خشيته من الرياء دليل على إخلاصه، فلا ينبغي له أن يترك العمل خشية مراءاة الناس ابتداءً.

ثانياً: قد تكون بعض الأعمال إعلانها أفضل من إسرارها، وإن كان الأصل في الأعمال أن الإسرار أفضل، أرأيت هذا الذي جاء بصرة فألقاها أمام النبي صلى الله عليه وسلم أتظن أن عمل هذا خير، أم لو كان قد أتى بذلك سراً؟ إذاً: الأصل أن يخفي الإنسان أعماله إذا استطاع ذلك، فإن هذا أعظم لإخلاصه وأصدق لنيته وأبرأ، لكن حينما يكون الإعلان أفضل وأولى ويكون قدوة للناس فلا شك أن ذلك يجعله ضمن من قال عنهم صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)، ثم إنه لا ينبغي للإنسان أن يتكلف فعل الأمر أو تركه على خلاف حاله، فينبغي للإنسان أن يسير على حاله المعتادة، أن إنساناً اعتاد أن يصوم قدراً من النفل، أو يصلي قدراً من الليل، أو يقرأ شيئاً من القرآن، أو اعتاد عمل أي باب من أبواب الخير فلا ينبغي له أن يترك هذا الباب وهذا العمل، ويتكلف تركه إذا كان مع الناس، وكذلك لا ينبغي له أن يتكلف فعله ليقتدي الناس به إذا كانت نفسه أصلاً لا تدفعه إلى هذا العمل، وهي قضايا دقيقة ينبغي أن نراقب أنفسنا فيها، فقضايا الإخلاص من أصعب القضايا على النفس.