للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رحمته صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الصبيان]

إذاً: فهذا الأعرابي الذي ما اعتاد أن يقبل الصبيان وأن يداعبهم جاء إلى ذاك الرجل العظيم الذي يسمع عنه الحديث، ذاك الرجل الذي يهابه الناس ويتحدثون عنه، ويحث الناس سيرهم إليه لتكتحل أعينهم برؤيته صلى الله عليه وسلم، وحق لهم ذلك، فمن رآه صلى الله عليه وسلم وآمن به ثبت له فضل لا يثبت لأحد من البشر، فيستغرب هذا الأعرابي أن يرى هذا الرجل العظيم يتعامل مع الصبيان هذه المعاملة.

وأيضاً في الصحيحين من حديث أبي هريرة (أنه صلى الله عليه وسلم قبل الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس رضي الله عنه، فاستنكر هذا السلوك ولم يألفه قال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحداً منهم.

فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: من لا يرحم لا يرحم).

ويصلي النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه كما روى ذلك عبد الله بن شداد رضي الله عنه وهو عند الإمام النسائي (فيسجد صلى الله عليه وسلم فيأتي الحسن أو الحسين فيرقى على ظهره صلى الله عليه وسلم، فيطيل السجود حتى ظنوا أنه قد نسي صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من صلاته قال: إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أقوم قبل أن يقضي حاجته).

الله أكبر، إن هذا القلب الرحيم العظيم ليأبى أن يزعج هذا الطفل الصغير ويقلقه، فيطيل صلى الله عليه وسلم سجوده والناس وراءه ينتظر أن يقضي هذا الصبي حاجته فيقوم من نفسه.

ويسمع صلى الله عليه وسلم بكاء الصبي وهو يصلي وقد نوى أن يطيل الصلاة فيوجز فيها صلى الله عليه وسلم حتى لا يزعجهم.