للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دعوى التفرغ لتحصيل العلم]

الأسلوب التاسع: دعوى التفرغ لتحصيل العلم.

نقول ابتداءً: العلم الشرعي مطلوب، ويجب أن تقوم الصحوة على العلم، ويجب أن نعتني جميعاً بالعلم الشرعي، وليس أن نصرف جزءاً من أوقات الفراغ، بل أن نفرغ جزءاً من أوقاتنا لتعلم العلم الشرعي والعناية به، ويجب أن نوجه الشباب لهذا العلم والعناية به وتعليمه، لكن هنا منطق آخر، وهو أن بعض الناس يقول: أنا أريد أن أتفرغ لتحصيل العلم، فنقول: هب أن كل إنسان عنده رغبة في العلم، وأظن الناس الأخيار جميعاً يشتركون في وجود قدر من الرغبة في التفرغ للعم وإن كانت متفاوتة، لكن ما النتيجة؟ لن يبقى بعد ذلك عندنا من يقوم برعاية هؤلاء الشباب.

أضرب لكم مثالاً واقعياً: الآن من أكثر الناس الذين لا يُتاح لهم فرصة لطلب العلم الشباب العاملون في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يسهر طويلاً ثم ينام في الصباح ثم يرتاح قليلاً، ويقابل أهله، ثم يعود بعد ذلك ليعيد الدوام مرة أخرى، الآن هذا المركز مثلاً عندنا فيه عشرة من الشباب لو قالوا: نريد أن نتفرغ للعلم فسيتعطل هذا العمل، فمن سيقوم به؟ سيقوم به إنسان يريد مجرد الوظيفة، وتخيل المنكرات التي ستوجد عندما يزول أمثال هؤلاء، فهؤلاء مجرد وجودهم يحجز كثيراً من المنكرات.

وهكذا كل العاملين في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى الذين يرعون الشباب ويفرغون جزءاً من أوقاتهم مع هؤلاء الشباب، عندما يتفرغون للعلم ستكون النتيجة أنه يتوجه الشباب للشوارع، أن يتوجهوا إلى تلك التجمعات التي لا تصدهم عن العلم وعن الطاعة فحسب، بل توقعهم في مساوئ الانحراف.

أيضاً: جزء من هذا قد يكون مقبولاً عندما تأتينا شخصيات على مستوى من النبوغ وعندها قدرات فذة فيمكن فعلاً أن يُفرغ هؤلاء، بل يجب أن يُفرغ قدر من هؤلاء الشباب الذين عندهم نبوغ وقدرات علمية جيدة، فيجب أن يُفرغ هؤلاء ولو حتى من كثير من أمور الدعوة، حتى ينفعوا الأمة ويخدموا الأمة، والبقية يشتركون في العلم والعناية به وطلبه وإنفاق نفيس أوقاتهم فيه؛ لكن هذا شيء وأن يكون عائقاً عن أداء الواجب الشرعي شيء آخر، أرجو أن يفهم ما أقوله، ولا يُساء الفهم.