للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انتظار فتح المجال]

أسلوب آخر: انتظار فتح المجال.

بعض الناس يريد أن يُفتح له مجال رسمي، أو أنه مثلاً يُعطى توجيهاً معيناً أو تكليفاً معيناً، وليس عنده استعداد بعد ذلك أن يعمل ولا أن يقدم خدمة لدين الله سبحانه وتعالى، والإجابة نقرأها في قصة لـ عبد الحميد بن باديس رحمه الله حين قال له الحاكم الفرنسي: إما أن تقلع عن تعليم تلاميذك هذه الأفكار وإلا أرسلت لك الجنود ليغلقوا المسجد، فقال عبد الحميد بن باديس: لا تستطيع ذلك، قال: كيف؟ قال: إذا أتيت إلى عرس ذكّرت الناس المحتفلين، وإذا أتيت إلى مجلس عزاء وعظتهم، وإذا ركبت في حافلة ذكّرت المسافرين، وإذا سجنتموني وعظت المسجونين، وإذا قتلتموني التهبت مشاعر المواطنين، وخير لك أيها الحاكم أن لا تواجه الأمة في دينها.

أي: فافعل بي ما تشاء فأنا لا زلت أحمل هذه الدعوة معي إلى أي مكان وأنقل هذه الدعوة حتى تقتلني، وحينئذ ستلتهب مشاعر الناس وسيكون قتلي شهادة، وبعد ذلك يعرف الناس أنك رجل مواجه للأمة في دينها وهذا يدعوهم إلى أن يتمسكوا بدينهم فنريد مثل هذا المنطق، نريد أن يكون عندنا مثل هذه الروح التي كانت موجودة عند عبد الحميد رحمه الله أنه لا ينتظر فتح المجال، بل هو نفسه يستغل هذه المجالات ويسعى لفتح المجالات، ثم هبوا أنها أُغلقت أمامنا الأبواب، هل يعني هذا أن نتخلى عن الدعوة؟ هل يعني هذا أن نتخلى عن تبليغ دين الله سبحانه وتعالى، وعن إعداد الأمة؟ لا يمكن أبداً.

كذلك انتظار التكليف والتوجيه، فبعض الناس ينتظر تكليفاً مباشراً وعنده استعداد لما يُكلف به من جهة رسمية أو من أستاذ له أو من شخص يثق به فعندما يحدد له واجباً يقوم به خير قيام، لكن ليس عنده مبادرة فردية.

يا أخي عندك تكليف قبل هذا كله من الله سبحانه وتعالى وتكليف من الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي كلّف من يكلّفك هو الله سبحانه وتعالى وقد أمرك بالأمر والنهي، أمرك بالدعوة، هذا تكليف فوق تكليف البشر.