للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الموقف من أذية المنحرفين]

السؤال

بعض الشباب المنحرفين يسبوا الملتزمين، فما نصيحتنا لهم، أفيدونا بارك الله فيكم، وأثابكم الله؟

الجواب

لابد أن تجد نوعيات شاذة، الغالب أن من يجد حسن خلق منهم وعفواً لا يمارس السخرية، لكن ستجد من يمارس السوقيات، وستجد من يسب، كما وجد ذلك الأنبياء قبلك، {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [هود:٩١]، {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات:٥٢]، {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود:٢٧]، واقرءوا كتاب الله سبحانه وتعالى، واقرءوا قصص الأنبياء؛ لتجدوا فيها الكثير من تلك المواقف من مواقف السخرية والاستهزاء التي ووجه بها أنبياء الله عليهم أفضل الصلاة والسلام، فأنتم لستم خيراً من أنبياء الله، فماذا تنتظرون بعد ذلك؟ فأقول: يجب أن نتحمل ما نواجه به من سخرية واستهزاء وسب ومضايقة وأذى، بل إن الله سبحانه وتعالى يقول: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:٢].

فمجرد الإيمان يعرض الإنسان لأن يفتن، فكيف بعد ذلك بما هو بعد الإيمان من الدعوة، وتسخير الجهد لله عز وجل؟! فهل تريد أن تكون داعية ينفع الله على يديك، ويهدي الله سبحانه وتعالى على يديك الناس دون أن تواجه أذى ومضايقة؟ كثيراً ما نردد ونتمثل بأبيات أو بعبارات تدل على أن لدينا استعداداً للتضحية، ولدينا استعداداً لبذل أموالنا، ولبذل نفوسنا، فما بالنا الآن لا نتحمل مثل هذه الكلمات اليسيرة، أو المضايقات اليسيرة؟! يجب أن نصبر، ونحسن الخلق، ولا نجزي السيئة بالسيئة، فقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يجزي السيئة بالسيئة، ولو أنك عندما يوجه لك سخرية واستهزاء تقابلها بابتسامة وإعراض، فحينئذٍ لابد أن يتغير موقف هذا الشخص على أقل الأحوال، أو ينتهي الأمر.

افترض أنه سبك وسخر منك، ثم أنت سببته، فازداد الغضب عنده وسبك، ثم أنت أيضاً كذلك، ما النتيجة؟ ماذا حصل؟ ما حصل شيء، سببته وسببت والديه، وسببت قبيلته، وسببت كل الناس من حوله، فما النتيجة التي تجنيها؟ ما حصلت على شيء، هذا عمل السفهاء، السب والسخرية عمل السفهاء، والرجل يمدح بالحلم، وكان العرب في الجاهلية قبل الإسلام يمتدحون بالحلم.

حليم إذا ما سورة الجهل أطلقت حبى الشيب للنفس اللجوج غلوب المهم أن العرب السابقين قبل الإسلام، وقبل أخلاق النبوة، وقبل القرآن كانوا يمتدحون بالحلم وبالصبر، وأنهم لا يجزون السيئة بالسيئة، فكيف بعد ذلك بمن منَّ الله عليهم بالقرآن، وبأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم؟! لا شك أنهم أولى بأن يكونوا أكثر حلماً وصبراً.