للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[روح النقد عند النجباء]

الآفة الثانية: روح النقد، إن هؤلاء النجباء كثيراً ما يكونون ناقدين، وقضية النقد ابتداء ظاهره صحية، أن ينتقد الإنسان نفسه، وأن ينتقد مجتمعه، وأن ينتقد حتى البرامج التي تقدم له، فيكون النقد ظاهرة صحية إذا كان بقدر معين، أما أن يتحول الإنسان ناقداً صرفاً فهذه هي المشكلة، فعندما يكون النجيب إنساناً عنده قدر من النجابة فهو يستطيع أن يفهم دقائق الأمور أكثر مما يفهمها الآخرون، وحينئذ يستطيع أن يدرك الأخطاء أكثر من غيره، فينتقد فلاناً وينتقد فلاناً حتى تنمو عنده روح النقد فيصبح بعد ذلك يسمع لينتقد، فكثيراً ما تراه يصنف أساتذته وينتقدهم، وقد يستطيع فعلاً أن يدرك جانباً من القصور والخطأ على أستاذه، أو جانباً من الخطأ والقصور على من يتولى تربيته، ولكن الخطأ والمشكلة هي أن يتحول إلى شخص ناقد فيصبح لا يستمع إلى الدرس إلا لأجل أن ينتقد، وإنما ينظر لجهد فلان حتى ينتقده، فمتى ما أصبح الإنسان ناقداً أصبح إنساناً عاطلاً لا يعمل؛ لأنه مشغول بالنقد.

مرة أخرى أقول: النقد ظاهرة صحية، بل نحن نعاني أحياناً من أننا نسير دون أن نفكر في أن ننقد أنفسنا، أو ننقد مجتمعاتنا، أو ننقد الأوضاع التي نعاني منها، ونتردد كثيراً ونتهيب من هذا النقد نظراً لأنه يحملنا المسئولية، فنحن لا ندعو إلى إلغاء النقد، لكن المشكلة التي نعاني منها أحياناً من بعض النجباء أنه تنمو عنده روح النقد فيصبح هذا الشاب ناقداً ينتقد كل ما أمامه: ينتقد المربي، ينتقد الأستاذ، ينتقد هذا البرنامج، ينتقد ذاك.