للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم العناية بتربية النفس والصلة بالله]

السبب الرابع: عدم عناية الشاب بتربية نفسه وصلته بالله سبحانه وتعالى.

يكون الشاب مثلاً قد وفقه الله لصحبة صالحة يذهب هو وإياهم ويأتي هو وإياهم، يذهبون مثلاً إلى مثل هذه المراكز الصيفية، أو إلى حلقة من حلق القرآن، أو إلى أي مكان يجتمع فيه الشباب الأخيار، قد يسافرون، يقرءون القرآن، يصلون، يسمع المواعظ معهم، وهو يذهب بدافع من نفسه، ويشعر فعلاً بالارتياح، لكنه عندما يرجع إلى المنزل لا يهتم بنفسه، ولا يعتني بنفسه، ويعتبر أن القضية تنتهي عندما يسير مع الأخيار.

ولا شك يا إخوة أن مجرد مسايرة الأخيار لا تكفي، لكن يجب أن ننتقل إلى الخطوة الثانية، فكل إنسان سيقدم إلى الله وحده: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم:٩٣ - ٩٥].

(ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان).

الذي يحصل أن الشاب يذهب مع الأخيار ويأتي، وهو صاحب نية صادقة، ويشارك معهم في أعمال الخير والطاعة، لكنه لا يعتني بنفسه عندما يكون في المنزل، فلا يحرص على العبادة، وليس له نصيب من قراءة القرآن، ولا من قيام الليل ولا من غيرها من العبادات التي تقربه إلى الله سبحانه وتعالى، وخاصة أعمال السر، لابد أن يكون لنا منها نصيب؛ لأن لها أثراً في إصلاح النفس، وأثراً في صلة النفس بالله سبحانه وتعالى، فليس بالضرورة أن تقوم ثلث الليل كله، ولكن ربع ساعة أو نصف ساعة، بل لو لم تستطع أن تقوم الليل فصل قبل أن تنام ركعتين واطمئن فيهما، أمسك المصحف واقرأ كتاب الله سبحانه وتعالى بتدبر وتمعن، قف مع نفسك وتفكر في الدار الآخرة، تفكر في حياة البرزخ، ليكن لنفسك حظ من العبادة، اعتن بنفسك، لا يمكن ولا يليق أبداً أن يعطي أحد الآخرين وكالة عن نفسه، فهذه أمور أنت فيها مسئول عن نفسك: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:١٦٤]، ولن ينفعك مجرد كونك تسير مع فلان أو فلان أو فلان من الناس.

لا شك أن هذه الخطوة مطلوبة وندعو كل شاب أن يحرص عليها، وهي خطوة مجالسة الأخيار، لكن يجب أن ننتقل إلى الخطوة الثانية وهي أن نعتني بأنفسنا بعد ذلك، وأن نحرص على أن يكون لنا نصيب من تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى، ونصيب من الصلاة، ونصيب من الصيام، ومن أعمال السر بيننا وبين الله عز وجل، فإن لذلك أثراً عظيماً في إصلاح النفس.