للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إشفاق أبي بكر على المستضعفين بمكة]

وكان من رقته وحنانه يشفق على المستضعفين في مكة: يقول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: كان أبو بكر يعتق على الإسلام بمكة.

بمعنى: أنه إذا أسلم الرجل أو المرأة اشتراه من صاحبه وأعتقه، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال أبوه أبو قحافة -وكان ساعتها كافراً-: أي بني! أراك تعتق أناساً ضعافاً، فلو أنك تعتق رجالاً جلداً يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك، وكان أبو بكر في حاجة لأن قبيلته بني تميم قبيلة ضعيفة.

فقال: أي أبت! أنا أريد ما عند الله، فنزلت فيه آية تتلى إلى يوم القيامة، قال الله عز وجل: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل:٥ - ٧].

ونزلت فيه: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل:١٧ - ٢١].

انظروا ربنا سبحانه وتعالى يعده في قرآنه: {وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل:٢١] فأي ثمن دفع الصديق رضي الله عنه وأرضاه؟ وأي سلعة اشترى؟ ما أزهد الثمن المدفوع ولو كانت الدنيا بأسرها! وما أعظم السلعة المشتراة الجنة!

<<  <  ج: ص:  >  >>