للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطط العملية المهمة لجعل فلسطين وطناً قومياً لليهود

كانت فلسطين في ذلك الوقت يعيش فيها فقط ٤٥٠٠ يهودي موزعين في كل أرض فلسطين، فكيف نمكن من قيام دولة في هذا المكان وليس لنا فيها إلا ٤٥٠٠ رجل فقط؟ فأخذوا بعض القرارات المهمة لتنفيذ هذه الخطة الشيطانية.

القرار الأول: تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ومن الوسائل التي تشجع اليهود على الذهاب إلى فلسطين أمر الدين.

فقد ذكرنا أن الدين كان العامل الأساسي لاختيار أرض فلسطين لتكون وطناً لليهود، لكن كيف تصل هذه الفكرة لكل يهود الأرض؟ فليس من المعقول أن نذهب لكل يهودي ونسر له في أذنه أننا نريد وطناً في فلسطين لا، ففكروا في أمر برعوا فيه ألا وهو الإعلام، فذهبوا إلى أشهر جريدة في لندن واشتروها بالمال شراءً كاملاً، وأطلقوا عليها بعد ذلك: (جيوش كرنكل) أو أخبار اليهود أو أنباء اليهود، وأنشئوا جريدة أخرى أطلقوا عليها: (فويس أوف جاكوب) أو صوت يعقوب، وبدءوا في هذه الجرائد -وغيرها كثير- ينشرون هذه الفكرة الدينية ويشجعون اليهود على التفكير في أرض الميعاد، بل ويبثون فيهم روح الاضطهاد، وأنهم مشتتون في بقاع الأرض وعليهم أن يجتمعوا.

لكن الدين وحده ليس عاملاً كافياً عند كل اليهود، فهناك عامل مهم جداً يؤثر في معظم اليهود في الأرض وهو عامل المال، فأنشئوا بنكاً خاصاً لهذا الأمر، فالمؤتمر الذي كان في بال في سويسرا أتبع مباشرة بإنشاء بنك كبير، موّله روتشلد أثرى أثرياء اليهود في ذلك الوقت، كان رأس ماله ٢.

٠٠٠.

٠٠٠ جنيه إسترليني، ولم يجدوا أنها كافية، فرفعوها إلى ٥.

٠٠٠.

٠٠٠ جنيه إسترليني، وهذه مبالغ ضخمة جداً في ذلك الزمن، فنحن نتكلم عن أكثر من مائة عام سبقت، إذاً: هذه أول طريقة استخدموها لتحقيق الهدف وهي تشجيع الهجرة إلى أرض فلسطين.

الأمر الثاني: تنظيم يهود العالم كافة وربطهم سوياً، لا بد أن نجمع كل اليهود في رابطة واحدة يفكرون سوياً كل عام، وفكروا في أن يكرروا هذه المؤتمر في كل عام مرة، وبالفعل من سنة ١٨٩٧م والمؤتمر يتكرر في كل عام، يجتمع حكماء اليهود من كل بلاد الأرض، ويتفقون سوياً على الخطوات التالية لإنشاء دولة لهم في فلسطين.

الأمر الثاني: الجمعيات السرية، جمعيات الماسونية اليهودية المشهورة، فكروا في إنشاء فروع كثيرة له في كل بلاد العالم، لكن قالوا: لو أنشأنا فروعاً، وأطلقنا عليها الماسونية اليهودية لن يشترك فيها كبار البلد، ومحركو السياسة في هذه البلاد، فأطلقوا عليها أسماءً أخرى، مثلاً: أندية الروتاري هي في الأصل فروع من الماسونية، وأندية الليونز مشهورة جداً وكثيرة في بلاد العالم الغربي والشرقي والإسلامي على حد سواء.

الأمر الثالث الذي فعلوه لينظموا يهود العالم بجانب المؤتمرات والجمعيات السرية: أمر اللغة.

وانظر إلى حكمة اليهود في ذلك، بدءوا يعلمون اليهود في كل بقاع الأرض اللغة العبرية، فيهود روسيا ويهود إنجلترا وكل اليهود لابد أن يتكلموا العبرية، فليتعلموا العبرية بجانب لغتهم الأصلية في بلادهم، حتى إذا اجتمعوا بعد ذلك في فلسطين إن استطاعوا تحدثوا جميعاً وتفاهموا ليكونوا دولة واحدة.

إذاً: القرار الأول لمؤتمر بال: تشجيع الهجرة إلى فلسطين، القرار الثاني: تنظيم يهود العالم كافة عن طريق المؤتمرات والجمعيات السرية واللغة.

الأمر الثالث وهو في غاية الأهمية: السعي إلى الاعتراف الدولي في العالم، كل هؤلاء اليهود ليس لهم أي شيء يجمعهم، وليس لهم أي كيان معلن، وليس لهم أي هيئة رسمية، فكيف يأخذون اعتراف العالم، لا بد من تثبيت أركان هذه الدولة، وجعلها دولة قوية لها باع في الأرض في ذلك الزمن، يا ترى! ما هي الدول المطروحة على الساحة في ذلك الزمن في أواخر التاسع عشر؟ أول دولة خطرت على أذهانهم هي إنجلترا، فقد ذهبوا إلى إنجلترا وفكروا أن يستعينوا بها في إقامة دولة لهم في فلسطين، مع أن إنجلترا لا تحكم فلسطين في ذلك الوقت، فلسطين كانت تابعة للدولة العثمانية، لكن إنجلترا قوة عظمى في ذلك الزمن، وتحاول أن تسيطر على العالم، ولها ممتلكات في كل بقاع الأرض، فوافقت إنجلترا على مساعدة اليهود في تكوين بلد لهم في داخل أرض فلسطين.

<<  <  ج: ص:  >  >>