للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بذل شتى الوسائل لامتلاك الأراضي الفلسطينية]

المحور المهم في عملية التهويد: هو الأرض، وأنا هنا أريد منكم التركيز بشدة؛ لأنني سأذكر أرقاماً في غاية الأهمية، وترد على شبهات في غاية الخطورة: اليهود حرصوا من بداية الأمر على امتلاك أرض في فلسطين، وكان تيودور هرتزل كما ذكرنا يريد أن يدفع أموالاً طائلة للخليفة عبد الحميد الثاني رحمه الله نظير قطعة صغيرة من الأرض.

إذاً: امتلاك الأرض كان هدفاً يهودياً هاماً لتهويد الأرض الفلسطينية، لنسمع هذه الأرقام: في عهد الخليفة والخلافة كان اليهود عددهم (٤٥٠٠) يهودي، وكانوا لا يملكون شيئاً في فلسطين؛ وذلك لأنه لم يكن مسموحاً لهم بالتملك هناك.

بعد سقوط الخليفة عبد الحميد الثاني رحمه الله في سنة ١٩٠٩م إلى سنة ١٩١٧م، وفي ظل حكومة الاتحاد والترقي، وعن طريق الرشوة للحكام العلمانيين تملك اليهود ٢% من مساحة أرض فلسطين، ومساحة فلسطين كاملة: (٢٦.

٠٠٠) كيلو متر مربع، يعني: أن مساحتها أقل من مساحة سيناء، انظر إلى هذه الأرقام.

من سنة ١٩١٨م إلى سنة ١٩٤٨م في ثلاثين سنة كم النسبة المئوية للأرض التي امتلكها اليهود.

في هذه الثلاثين سنة زادوا في العدد من ٨% إلى ٣٢%، واسمعوا إلى هذه الحقيقة الغريبة: مع هذه الزيادة الضخمة في أعداد اليهود، إلا أن ممتلكاتهم من الأرض لم تصل إلا إلى ٥.

٧% فقط من أرض فلسطين، يعني: في ثلاثين سنة لم يقدروا على ضم شيء إلى أملاكهم إلا ٣.

٧% في المائة فقط من أرض فلسطين؛ لأنه كان هناك ٢% منها مملوكة عن طريق حزب الاتحاد والترقي كما ذكرنا قبل دخول الإنجليز.

وعند تحليل هذه النسبة ٣.

٧% التي امتلكها اليهود في ثلاثين سنة تجد الآتي: ١.

٢% إهداء من حكومة الانتداب البريطاني بدون ثمن.

١.

٥% بيع من عائلات نصرانية لبنانية وسورية، مثل عائلات سرسك، والمطران، وتيان، هذه العائلات كانت تمتلك أرضاً في فلسطين على سبيل الاستثمار، فلما رأت أن الدائرة تدور على الأرض الفلسطينية، وأن اليهود والإنجليز يتسلحون ويتمكنون، وأن ما لم تبعه اليوم سيؤخذ منك عنوة في الغد، باعوا أرضهم، ورجعوا إلى بلادهم.

يتبقى ١% فقط من الأرض، وهو الذي باعه الفلسطينيون أصحاب البلد، ولا شك أن من الخطأ أن يبيع الفلسطينيون أرضهم، واعتبر فقهاء فلسطين ذلك خيانة، وصدرت فتاوى كثيرة بتحريم بيع الأرض لليهود، ابتداء بفتوى سنة ١٩٢٢م للحاج أمين الحسيني مفتي القدس، ومروراً بعدد كبير من الفتاوى في السنوات التالية.

ومن هذا الشعب الذي ليس فيه خائنون؟ من هذا الشعب الذي ليس فيه مفرطون وأصحاب مصالح؟ ومع ذلك كانوا قليلين جداً في فلسطين، ١% فقط من الأرض بيعت على غير رغبة العموم، ومع ذلك انتشرت بين العالمين -بما فيهم المسلمين- فرية عظيمة وشبهة منكرة تقول: لقد باع الفلسطينيون أرضهم لليهود، وكان لهذه الفرية كان ترويج صهيوني وعربي.

أما الصهاينة فقد روجوا لها حتى يثبتوا أنهم اشتروا الأرض فهي حقهم، ومن أخذ هذا الحق منهم فهو ظالم أو معتد أو إرهابي، وليس مستغرباً أن يشيع اليهود هذه الفرية، ولكن لماذا روج العرب لهذه الفرية سواء عن قصد أو عن جهل؟ لماذا أعجبت الناس حتى رددوها جميعاً في مجالسهم فلا تسأل أحداً إلا ووجدته يعلم عن يقين أنهم باعوا أرضهم؟ ذلك لأمر واضح، وهو إسكات الضمير، وتسكين النفس، وإراحة البال، وتطمين القلب، وتهدئة الجوارح، وتفريغ الوقت والجهد والمال والعرق في مشاكل أخرى كثيرة تملأ على الناس حياتهم.

نعم يا إخوة! نحن نضحك على أنفسنا لأجل أن نستريح، العمل لفلسطين يحتاج إلى مجهود وطاقة وعمل، فالأيسر علي أن أقول: إنهم باعوا أرضهم بأنفسهم؛ فيستحقون ما يحل بهم.

لكن الحق أن ١% فقط من الأرض هو الذي باعه الفلسطينيون، وذكرنا تحليل ذلك على لسان أهل فلسطين.

ولو فرضنا أنهم باعوا أكثر من ذلك فهل يبيح ذلك ترك البلاد؟ وهل يملك الفلسطينيون حق حكم الله للأرض حتى يبيعوه؟ حتى لو باعوا أكثر من ذلك على المسلمين أن يحرروا هذه الأرض، فيقروا اليهود على ما أخذوه بيعاً وشراء ما داموا معاهدين دافعين للجزية، ويأخذون عنوة ما أخذه اليهود عنوة، ويحكمون البلاد بشرع الله بدلاً من شرع اليهود المحرف، حكم الله، ومن أحسن من الله حكماً؟ لا أحد، كلام الله، ومن أصدق من الله حديثاً؟ لا أحد.

إذاً: تحدثنا عن محورين أساسيين في قضية تهويد فلسطين وهما: المحور الأول: الاهتمام بالتهجير.

المحور الثاني: الاهتمام بشراء الأرض، وإن كانوا لم يفلحوا كثيراً في هذا المجال.

<<  <  ج: ص:  >  >>