للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية قتل الانهزامية والإحباط في حل قضية فلسطين]

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تشمت بنا أعداءً ولا حاسدين، اللهم إنا نسألك من كل خير خزائنه بيدك، ونعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك، اللهم اغفر لنا خطيئتنا وجهلنا وإسرافنا في أمرنا، وما أنت أعلم به منا، اللهم اغفر لنا هزلنا وجدنا، وخطأنا وعمدنا، وكل ذلك عندنا.

آمين آمين.

وصل اللهم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

والحمد لله رب العالمين.

أما بعد: فمع المحاضرة التاسعة من المحاضرات الخاصة بقضية فلسطين، وكنا قد ذكرنا في المحاضرة الأولى بعضاً من الوسائل الإيجابية والتي من الممكن أن نساعد بها إخواننا في فلسطين، ونسهم بها في رد كيد اليهود ومن عاونهم، تذكرون أن الوسيلة الأولى التي ذكرناها في هذا المضمار كانت: تحريك قضية فلسطين بالمفاهيم الصحيحة وبسرعة، وأفردنا لذلك ثمان محاضرات تحدثنا فيها عن بعض هذه المفاهيم.

واليوم نتحدث عن وسيلة أخرى من الوسائل الهامة جداً في حل قضية فلسطين وما شابهها، بل وفي حل قضية المسلمين في العالم أجمع، الناظر إلى بلاد المسلمين يجد أن كثيراً من أبناء المسلمين قد أصابهم الإحباط من واقع المسلمين، ويئسوا من أن تقوم لأمة الإسلام قائمة من جديد، وقنطوا من أن يواجهوا عدواً صارخ العداء مثل اليهود ومن معهم.

كثير من أبناء المسلمين يعتقدون أن سيادة المسلمين للعالم كانت تاريخاً، وأن المستقبل قد يكون للشرق أو للغرب، ولكن حتماً أو غالباً ليس للمسلمين، وأكثر هذه الطائفة تفاؤلاً يعتقد أنه لو كان الإسلام سيعود من جديد لصدارة الأمم فإن هذا سيكون بعد عمر مديد وأجل بعيد لا نراه نحن ولا أبناؤنا ولا حتى أحفادنا.

في هذا الجو من الإحباط واليأس يستحيل على المسلمين أن يفكروا في قضية فلسطين فضلاً عن أن يسهموا في حلها، ومن ثم فإن حديثنا اليوم يتناول الوسيلة الثانية من وسائل حل قضية فلسطين ألا وهي: قتل الانهزامية والإحباط في نفوس المسلمين.

وإنه لمن العجب حقاً أن تحبط أمة تملك كتاباً مثل القرآن! وسنة مثل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم! وإنه لمن العجب حقاً أن ييأس شعب له تاريخ مثل تاريخ المسلمين! وله رجال أمثال رجال المسلمين! وإنه لمن العجب حقاً أن قوماً يمتلكون مقدرات كمقدرات المسلمين! وكنوزاً مثل كنوز المسلمين! عجيب حقاً أن تقنط هذه الأمة، وقد قال ربها في كتابه: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر:٥٦]، لكنها حقيقة مشاهدة وواقع لا ينكر، والواقع أن غياب الأمل وضياع الحلم وانحطاط الهدف كارثة مروّعة حلّت على المسلمين، ومصيبة مهولة لا يرجى في وجودها نجاة، لا بد أن الذي زرع اليأس في قلوب بعض المسلمين هو أمر تعاظم في النفوس الواهنة، وحدث أكبرته القلوب الضعيفة فخضعت حصول خضوعاً مذلاً، وركعت حين كان يرجى لها القيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>