للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حاجة الفقهاء وعلماء الشريعة إلى علماء العلوم الحياتية]

الدليل الثالث: ألا يحتاج الفقهاء وعلماء الشريعة إلى فقهاء وعلماء في العلوم الحياتية لفقه الدين؟ نحن نريد أن نفقه بعض الأمور في الفقه، فإذا كنت أنا أفقه علوماً شرعية، وتخرجت من كلية أصول الدين، أو كلية الشريعة، أو كلية الدعوة، ولا أعرف دقائق الطب، ولا دقائق الاقتصاد، ولا دقائق الهندسة، ولا دقائق كذا وكذا فلا أستطيع أن أقول للمسلمين: هذا حلال أو حرام، فأحتاج إلى أحد أهل التخصص الفاهمين لهذا التخصص فهماً جيداً والمحب لدينه أن يأتي ويعرض الصورة علي حتى أخرج بالحكم الشرعي المناسب، فمثلاً في مجال الطب: هات فقيهاً درس أربع سنوات في كلية أصول الدين أو في كلية الشريعة، وكمّل بعدها الماجستير ثم الدكتوراه في نفس العلوم، وقل له: ما تقول في الاستنساخ؟ إذا كان لم يعرف هذه القضية خلال دراسته فهو بحاجة إلى معرفة الاستنساخ، فيحتاج إلى دكتور يفهم في دينه ويعرف القواعد الشرعية إجمالاً الخاصة بالطب، وفي نفس الوقت هو فاهم جداً لتخصصه، وفاهم للقضية بكامل أبعادها، فيذهب للفقيه ويقول له: الوضع كذا وكذا، فالفقيه عندما يطّلع على هذا الأمر يستطيع أن يقول: هذا حلال وهذا حرام.

كذلك نقل الدم وزرع القرنية والتخصيب بالأنابيب مليون مشكلة يمكن أن تكون موجودة، وهناك من يسأل: أحلال هي أم حرام؟ إذاً: الفقيه يحتاج إلى عالم مسلم متخصص في العلوم الحياتية يخبره، ويحتاج إلى عالم اقتصاد إسلامي متخصص خريج تجارة أو خريج اقتصاد أو علوم سياسية يخبره كيف يبني مشروعاً إسلامياً موافقاً للشرع، وأنا كعالم في الدين ورجل أصول في الدين أو الشريعة سأعطيك أطراً عامة، لكن لا أستطيع أن أقول لك: كيف تعمل بنكاً، البنك ضرورة؛ لأن البنوك كما ترون لوثت بالربا هنا وهناك، فنحن بحاجة إلى بنك إسلامي خالص موافق للشرع، من الذي سيبنيه؟ هل يبنيه يهودي أو أمريكي؟ لا، ولكن لا بد أن يكون عالم اقتصاد مسلم يجلس مع فقيه مسلم يشرح له الموضوع، وهذا الفقيه يقول له: هذا حلال وهذا حرام، ويعرض عليه المعاملات، مثل: نظام الأسهم، ونظام السندات والبنوك، كيف أتعامل مع البنك الدولي؟ كيف أتعامل مع أمريكا؟ كيف أتعامل مع أوروبا؟ كيف أتعامل مع هؤلاء الناس، وأنا أريد أن يكون كياني إسلامياً؟ هل لو بقيت إسلامياً فهل معنى ذلك أن أنقطع كلياً عن التعامل الاقتصادي مع أي دولة في العالم؟ لا، هناك ضوابط وأطر، والرسول صلى الله عليه وسلم تعامل مع هذا وذاك بضوابط إسلامية.

إذاً: أنا أحتاج إلى فقيه في كذا وفقيه في كذا، فقيه في العلوم الشرعية، وفقيه في العلوم الحياتية في التخصص، فلكي أفقه ديني أحتاج إلى متخصص في العلوم الحياتية في كل مجال.

هذا مثال أو مثالان وقس جميع هذه الأمثلة في العلوم الحياتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>