للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة إهلاك الله للظالمين بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم]

ولكن مع بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيرت طريقة الإهلاك، فقد كان الظالمون في السابق يهلكهم الله بخوارق، وأما في رسالة الإسلام فالسنة هي: {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:٧].

فلا بد أن يقدم المسلمون العمل والعمل الخالص لله عز وجل الصحيح على منهاج النبوة، فإذا قدموا العمل الصالح أنزل الله عز وجل ما يشبه الطير الأبابيل، فينزل بركة ورحمة وأمناً وتأييداً وتوفيقاً على المؤمنين، وسخطاً ونقمة وعذاباً وهلاكاً على الكافرين، ولكن بغير عمل لن تنزل الطير الأبابيل، وبغير جهد وبذل وعطاء لن ترمى حجارة من سجيل.

هذه السنة الجديدة الخاصة بأمة الإسلام، وهي سنة ماضية إلى يوم القيامة لا تبديل لها ولا تحويل، {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:٧].

وكثير من الناس أحبطوا من رؤية الظالمين يتمكنون من رقاب المؤمنين، وجلسوا ينتظرون نزول الطير الأبابيل، ويراقبون الموقف من بعد، ومستحيل أن تنزل الطير الأبابيل على الكافرين فتهلكهم، فانتظارهم هذا وهم وغياب فهم وعدم فقه لسنة الله عز وجل في التغيير، بل لابد أن يعتمد المسلمون على أنفسهم وعلى سواعدهم وعلى شرعهم ومنهجهم وعلى ربهم، والاعتماد على الله عز وجل لا يكون إلا كما يريد هو سبحانه وتعالى، لا كما نريد نحن بأهوائنا.

والله عز وجل وضع لنا سنناً واضحة في التغيير قد تختلف حسب المرحلة التي يعيشها المسلمون، فقد يكتفي المسلمون في زمن بالدعوة، وقد تكون الدعوة سراً أو جهراً، وقد يحتاج المسلمون إلى معاهدة، وقد يحتاجون إلى جهاد، وقد يجاهدون قوماً ويتركون آخرين، وقد يجاهدون الكفار أجمعين، فبحسب المرحلة تتغير الطريقة، ولكن في كل الأحوال لا بد أن يقدم المسلمون شيئاً، فلن ينزل النصر على قوم كسالى قاعدين أو سلبيين.

وأنا لا يعجبني الدعاء الذي يدعو به بعض الناس بقولهم: اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين.

وأنت أين هو دورك؟! أتكتفي بالمراقبة ثم تنتظر أن تسوقك الأحداث سوقاً إلى سيادة وتمكين وعز وصدارة؟! هذا وهم -إخواني في الله! - وليس من سنن الله عز وجل، إنما السنة {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:٧].

وتذكروا أننا لسنا في زمان أبرهة، فلن تنزل الطير الأبابيل الآن على الظالمين إذا فر من أمامهم الصالحون إلى رءوس الجبال.

فنحن الآن نشاهد الصواريخ والطائرات والدبابات والبوارج الأمريكية تعربد في كل بلاد المسلمين، والمسلمون ينظرون بحسرة لمن جاء يدمر بلادهم وأوطانهم، ويقتل أبناءهم وشيوخهم ونساءهم، وهم يقولون: عسى الله أن يرسل عليهم طيراً أبابيل، أو يرميهم بحجارة من سجيل، أو يحدث معجزة أو يأتي بخارقة تدمرهم، فإلى هؤلاء الذين يعتقدون مثل هذا الاعتقاد وينتظرون الصواعق أن تنزل على قاصفات أمريكا، وينتظرون خسفاً بجنود الأمريكان في الكويت والسعودية والعراق وقطر وعمان وتركيا وباكستان وأفغانستان وأوزبكستان وغيرها من بلاد المسلمين، وينتظرون الطوفان ليغرق أساطيل الأمريكان في الخليج العربي وفي البحر الأبيض والأحمر والأسود والأصفر وكل ألوان الدنيا، إلى هؤلاء جميعاً أوجه نداء من قلبي إليهم وأقول: سيطول انتظاركم ولن تنزل الطير الأبابيل أو أشباهها إلا بعمل سنة واضحة، {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>