للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوحدة بين المسلمين]

سابعاً: الوحدة بين المسلمين، فإذا كان الحجاج ذاهبين ليتعرفوا على المسلمين من كل أقطار الأرض، فأنت عندك فرصة أن تقوي من أواصر الوحدة بين المسلمين في بلدك، وهذا غرض رئيسي من أغراض الحج الشعور بالأمة الواحدة، وصعب أن يكون هذا الإحساس موجوداً والخلافات مستديمة والشقاق مستمر بين أبناء القطر الواحد، فضلاً عن جميع الأقطار، أو بين أبناء المدينة الواحدة، وبين أبناء المسجد الواحد، فنحن نجد خلافاً بين أبناء المسجد الواحد أحياناً، بل أحياناً بين أبناء البيت الواحد، فاجعل الأيام العشر هذه فرصة؛ لكي توحد المسلمين في الدائرة التي تستطيع عليها، وعليك الواجبات التي سأقولها لك الآن تساعدك على ذلك وهي: أولاً: بر الوالدين، فمهما كان بينك وبينهم اختلاف في الرأي أو وجهات النظر، فالأم والأب يقدمان على كل شيء إلا أن يأمراك بمعصية فهنا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

إذاً: لا بد في هذه الأيام العظيمة أن نبر بالوالدين عن طريق زيارات أو تلفونات أو قضاء الحاجات، أو إدخال السرور عليهما بكل طاقة وبكل جهد عندك، واذكر أنك كنت تريد أن تحج لكي تدخل الجنة أليس كذلك؟ كذلك الوالد والوالدة يدخلانك الجنة إن شاء الله.

ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف)، يلعن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فعل هذه الفعل الشنيع ما هو هذا الفعل الشنيع؟ يقول: (من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة)، وفي رواية: (فلم يدخلاه الجنة).

ثانياً: صلة الرحم، ألست تبحث عن رضا الله عز وجل؟ فاستمع إلى كلام الله عز وجل في الرحم، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه ذكر فيه أن الله عز وجل يخاطب الرحم فيقول: (أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟)، فأنت بوصلك للرحم تكون أهلاً لأن يصلك الله عز وجل، يا الله! فأي فضل هذا وأي منة، فلو قاطعوك أهلك بكل طرق القطع، فإن الذي يريد الوصل من الله عز وجل لا بد أن يضحي، وتذكر ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)، هذا هو الواصل فعلاً، وهذا الذي يصله الله عز وجل.

ثالثاً: الأصحاب والمعارف والجيران، فرصة أيضاً في هذه الأيام المباركة أن تزيد من المحبة في المجتمع المسلم، والله سيعطيك أكثر مما تتخيل، فقد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً) قال الترمذي: هذا حديث حسن، فهذا بيت لك في الجنة؛ لأنك ذهبت لتزور واحداً من أصحابك أو معارفك، أو جيرانك، زيارة في الله من غير مصلحة ولا مال.

رابعاً: وهذه في منتهى الأهمية إصلاح ذات البين، فابحث في علاقاتك مع معارفك، وانظر من بينك وبينه نزاع، وحاول أن تحلها في هذه الأيام، اغفر له سامحه، افتح صدرك له، ابتسم في وجهه، وإنها لمشكلة خطيرة أن يكون الشقاق قائماً بين المسلمين، ففرصة في هذه الأيام الكريمة أن تذكر أن الله عز وجل يغفر الذنوب للمتصالحين، ويؤجل المغفرة لمن بينهما شقاق حتى يصطلحا، وهذا كلام في منتهى الخطورة، وهو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال: (تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا)، انظر إذاً من الذي استثناه الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: (إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا)، فهذا كلام في منتهى الخطورة.

إذاً: علينا واجب مهم في هذه الأيام المباركة، وهو أن نوحد أواصر المسلمين عن طريق بر الوالدين وصلة الرحم والزيارات في الله، وإصلاح ذات البين.

<<  <  ج: ص:  >  >>