للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عبادة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم]

ثم يقول الله تبارك وتعالى في ختام سورة المزمل: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [المزمل:٢٠] فعباد الرحمن يبيتون لربهم سجداً وقياماً.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ينام ثلث الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، يقوم من الليل يصلي يقرأ القرآن، ويناجي ربه تبارك وتعالى استغلالاً للوقت.

كذلك: قراءة القرآن في الليل والنهار، قال الله تعالى: {الَّذِيْنَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:١٩١]، فاشغل هذا اللسان الذي ستسأل عنه يوم القيامة بذكر الله، فقد تتكلم بالكلمة من رضوان الله فيرفعك الله بها في الجنة درجات لا تتخيلها، وقد يتكلم العبد كلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاً، فاستغله فيما يعود عليك بالخير والنفع وخاصة ذكر الله، وذكر الله يكون وأنت قائم، وأنت ماش، وأنت متحرك، وأنت جالس، وأنت في سيارتك، وأنت في بيتك، وأنت مضطجع على فراشك: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه واضطجع على جنبه الأيمن قال: باسمك اللهم وضعت جنبي وبك أرفعه، اللهم إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين).

وكان يقرأ المعوذتين، وآية الكرسي، وإذا قام يصلي من الليل ذكر الله تبارك وتعالى، ودعا الله عز وجل، وقرأ آيات من القرآن، ثم يقوم فيتوضأ ويصلي، وكان صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم يعدون للرسول صلى الله عليه وسلم في الجلسة الواحدة أكثر من سبعين استغفاراً في الجلسة الواحدة، وكان يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة) أي: يكثر من ذكر الله تبارك وتعالى.

وقد علم المسلمين ألواناً من الذكر والدعاء والاستغفار، وهي موجودة في كتب الأذكار التي جمعها العلماء، وبين ما فيها من الأجر العظيم، أجر لا يتخيله العباد، فيستغل المسلم وقته.

وبعضنا يضيع أوقاتاً هائلة كان يمكن أن يحول هذه الأوقات إلى ثروات، وأنت خارج إلى عملك تستغرق كل يوم وأنت ذاهب وآيب نصف ساعة أو ثلث ساعة، وبعض الإخوة ساعة من الزمن، وهذه الساعة لا تستطيع أن تعمل فيها شيئاً، فهي ضائعة من عمرك إلا إذا كان الإنسان نبيهاً فيستغلها في قراءة القرآن أو في ذكر الله تبارك وتعالى.

فكم من إنسان يذهب إلى عمله في مدة ربع ساعة أو ثلث ساعة أو نصف ساعة ويعود إلى البيت في نصف ساعة، ولو شغل لسانه بذكر الله تبارك وتعالى فكم ينال من الأجر؟ سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، يملأ أجرها ما بين السماء والأرض، فكم مرة تقولها وأنت ذاهب إلى عملك أو راجع منه؟! فلو أحسنا استغلال هذه الأوقات لأتينا يوم القيامة وعندنا حسنات أمثال الجبال.