للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نماذج جهادية خالدة]

عندما فتح صلاح الدين فلسطين إنما فتح قلوب المسلمين، وفتح ديار المسلمين التي لم يحتل أعداء الإسلام قلوب أهلها، لكن الشر كان قد احتلها.

أما العداوة والبغضاء التي بين المسلمين فإنها تزول عند أن تكون الأمة أمة مقاتلة، أمة محاربة، قد وحدت صفوفها، ووحدت وجهتها، وعرِّفت بغايتها، فعرّفها صلاح الدين رحمه الله بنفسها، وأصبحت الأمة تحسن صناعة الموت؛ فهابها أعداؤها، ولم يستطع أن يقف في وجهها من جيوش أوروبا مجتمعة أحد.

إن ملوك المسلمين لم يجتمعوا، ولو اجتمعوا بملوكهم ما انتصروا، إنما اجتمعت الأمة تحت راية قائد يحارب لله تبارك وتعالى، ويريد ما عند الله عز وجل، فهزم ملوك أوروبا مجتمعين.

فقد اصطفت جيوش أوروبا كلها وأمامها ملوكها وقادتها وهزموا في حطين، وكان يوماً من أيام الله، وكان بداية النصر المؤزر الذي تلاحق بعد ذلك حتى طرد المسلمون آخر صليبي، فعرف صلاح الدين كيف يعيد للمسلمين عزتهم، وكيف يرفع رءوسهم بالإسلام، فتوجهوا إلى الله تبارك وتعالى خالق الوجود رب الكائنات الذي له ملك الأرض والسماوات، وله جنود السماوات والأرض، وعندما يتوجه المسلمون إليه مرة أخرى ويطلبون ما عنده فسنرى من هذه الأمة عجباً، ونصر الله لا محالة ملازم لأوليائه، وسنرى العزة والكرامة بعون الله تعالى.

والذين نفقدهم لن يكونوا جيفاً، ولن يكونوا نسياً، بل سيكونون شهداء يختارهم الله ويصطفيهم، أترانا أيها المسلم لن نموت؟! أيها المسلم إن لم نمت في ميدان القتال فسنموت في غيره، فكل حي مصيره إلى الزوال، وكل حي مصيره إلى الفناء، لكن الذين يموتون في ميدان القتال شهداء هم الذين يعيشون أعزة كرماء، فلن تذلنا يهود، ولن يذلنا عباد البقر ولا عباد الصليب، ولن يذلنا أعداء الإسلام الشيوعيون الذين ركبوا ظهور عشرات الملايين من المسلمين في ديار الشيوعيين الذين يكفرون بالله تبارك وتعالى ويذلون المسلمين صباح مساء، حتى غيرت أسماؤهم الإسلامية، وغيرت شعائرهم، وأجبروهم على أن يكونوا كفاراً، أننتظر مصيراً كمصيرهم؟ لن يكون هذا كله إن غرس في قلوبنا حب الشهادة في سبيل الله؟!