للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشرك في التراث العقائدي عند النصارى]

ثم جاء عيسى بن مريم عليه السلام بالإنجيل فيه هدى ونور، يدعو إلى عبادة الله وحده والكفر بما يعبد من دونه، ولكن النصارى اختلفوا من بعده، ولم يمض وقت طويل حتى اختلفوا في كتابهم، فكثرت الأناجيل فإذا هي تزيد على السبعين في ذلك الوقت، واختلفوا كذلك في طبيعة المسيح: فمنهم من قال: هو عبد الله ورسوله، ومنهم من قال: هو الله أو ابن الله، ثم اختلفوا بعد ذلك أيضاً: فمن قائل: إن له طبيعتين: طبيعة إلهية، وطبيعة بشرية، ومن قائل: إن له طبيعة واحدة هي الألوهية وأن تجسده في الصورة البشرية لم يؤثر في ألوهيته.

وقد عقد قسطنطين الذي تنصر مجمعاً اسمه: (مجمع نوقيا) عام ثلاثمائة وخمسة وعشرين للميلاد، وعلى الرغم من كون الذين قالوا بألوهية المسيح كانوا قلة إلا أنهم هم الذين غلبوا في المجمع؛ لأن الحاكم يريد هذا، وكفروا من لا يقول بذلك.

وفي عام ثلاثمائة وواحد وثمانين استمع المجمع القسطنطيني الأول، وقرر إلهية روح القدس، ولعن الذين لا يقولون بألوهيته، وصارت الألوهية عند النصارى في ثلاثة أقانيم متداخلة: الأب، والابن، والروح القدس، وما مقالتهم هذه إلا مضاهاة لقول الذين كفروا من قبل، ومضاهاة للذين ألهوا البشر والمخلوقات وعبدوها من دون الله.