للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخبر الأخير: الخير باق في أمتي]

الخبر الأخير عنوانه: الخير باق في أمتي.

نعم أخية! رغم كثرة الغارقات لا زال في أمتنا خير وأمل، لا زال في أمتنا فتيات وأمهات صادقات، أذاعت إحدى القنوات مشهداً أعاد لنا مشاهد طالما سمعناها عن الصحابيات الصادقات، ومن سار على نهجهن على صراط رب الأرض والسماوات، إنه مشهد لطالما اشتقنا لسماع مثله ورؤياه، إنه مشهد لأم فلسطينية، ظهرت بجانب ولدها ابن ٢٠ سنة وهو يقرأ وصيته الأخيرة قبل أن يقوم بإحدى العمليات الاستشهادية.

اسمعي أماه، اسمعي بارك الله فيك، ما أعظمها من تضحية وعظمة! تقدم فلذة كبدها وتعده للشهادة في سبيل الله، ولا يستطيع فعل ذلك إلا أصحاب القلوب التي تعلقت بما عند الله، قدمته وودعته ونداء ربها في مسامعها {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:١٦٢].

يا ألله! كيف كانت هذه الأم وهي تضمه إلى صدرها الضمة الأخيرة، وهي تدرك أنه بعد قليل قد لا يتبقى منه عضو تتعرف به عليه؟! يا ألله! كيف كانت وهي تقبله على جبينه، وهي تعلم أنها القبلة الأخيرة؟ بل كيف كانت وهو يغادر المكان وهي تعلم أنها لن تلقاه بعد هذه اللحظة؟ يا ألله! كيف كانت حين نظرت في عينيه نظرة أخيرة؟ وكيف كانت وهي تسمع دوي الانفجار يردد على مسمع من العالم كله؟ نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبداً انفجار يعلن للعالم والملأ أننا أمة لا تقهر؛ لأن معنا القوي الجبار.

لله درك يا أم الشهيد، لم تستسلمي للذل وللعار، أقسم بالله العظيم إنك قد قلتي ووفيت، ووالله إنك نور وسنا برق في زمن الذل والعار، إن أمة تنتمين إليها لا يمكن أن تهزم بإذن الله، لقد أعدتي لنا الأمل ومسحتي عنا العار، وإنك والله ستفرحين بما قدمت يوم تقفين يوم القيامة مع الملأ بين يدي الواحد القهار، لقد أعدتي إلينا إيمان الصحابيات والتابعيات، فابشري والله بالخير، قال الله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٣٥] فإذا أردت النجاة فاتصفي بهذه الصفات.

إن كنت صادقة في البحث عن السعادة فأنا أدلك على الطريق وكلنا يبحث عن السعادة، والله لن تجدي السعادة إلا في طاعة الله، إلا في الحياة مع الله وفي مرضاته، السعادة في التوبة والأوبة، السعادة ستجدينها في دموع الأسحار، وفي مصاحبة الصالحات الأبرار، ستجدينها في بكاء وأنين المذنبات، ستجدينها -أي: السعادة- في الخشوع والركوع والامتثال لله والخضوع، وفي البكاء من خشية الله والدموع، السعادة والله في الصيام والقيام، وفي امتثال شرع الملك العلام، السعادة في تلاوة القرآن وهجر المسلسلات والألحان، وربك باسط يده لك بالليل والنهار، يفرح بالتائبات ويفرح بمن أتاه وهو قريب ممن دعاه، حليم كريم يغفر الذنب ويستر العيب.

أطرقي الباب وسيفتح لك، سيري على الطريق وستشعرين بالفرق العظيم، وسترين النتيجة بنفسك.

اللهم احفظ فتياتنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم دل الحائرات، وأنقذ اللهم الغارقات، اللهم من حادت عن الطريق فردها إليك رداً جميلاً، اللهم وفقهن لتوبة نصوح واستقامة على الحق يا رب العالمين! اللهم اغفر ذنب المذنبات، واقبل توبة التائبات، وفرج هم المهمومات، واكشف كرب المكروبات.

اللهم ثبت الصادقات، واجعلهن راضيات مرضيات، تقيات نقيات خفيات.

اللهم حبب لهن الإيمان وزينه في قلوبهن، وكره لهن الكفر والفسوق والعصيان، واجعلهن -يا رب- من الراشدات.

اللهم من أرادنا وفتياتنا بسوء فاشغله في نفسه، واجعل تدبيره تدميراً عليه.

اللهم زين فتياتنا بالإيمان والعفة والحياء والحجاب، اللهم حبب لهن الحجاب وكره لهن التكشف والسفور، ووفقهن لخيري الدنيا والآخرة يا عزيز يا غفور! اللهم اجعل اجتماعنا مرحوماً، وتفرقنا بعده تفرقاً معصوماً.

أستغفر الله العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.