للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السعادة في الدنيا والآخرة]

ومنْ ثمار العمل الصالح: أنه سبب للسعادة التي ضل عنها كثير من الناس، فبحثوا عنها في غير أماكنها، فكم من باحث وباحثة عنها في المال، وأخرى في العمل والوظيفة، وأخرى في الجاه والسلطان، لكن اسمعي ماذا يقول الله تبارك وتعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل:٩٧] أي: حياة فيها سعادتك وانشراح صدرك، يقول الشاعر: ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد فهنيئاً لأولئك النساء اللاتي شغلن الأوقات بالعمل الصالح.

إن الحياة مصائب وآلام، ونعيم وفرح، ولا تدوم على حال واحد، لكن الأمة المؤمنة المصابرة المجاهدة على فعل أوامر ربها، والتاركة لما نهاها الله لا تتأثر بمصائب الدنيا إذا وقعت، ولا تفرح بالدنيا إذا أقبلت؛ لأنها ترى إلى أبعد من هذا، ترى أن {َمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الشورى:٣٦]، واسمعي ماذا قال الله عن أهل الصلاة قال سبحانه: {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج:١٩ - ٢١]، ثم استثنى الله أهل الصلاة فقال: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج:٢٢ - ٢٣]، ثم تتابعت الآيات وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج:٣٤]، فأهل الصلوات إناثاً كانوا أم ذكوراً لا يفرحون بالدنيا إذا أقبلت، ولا يحزنون عليها إذا أدبرت؛ لأنهم على يقين أن الحياة دقائق وثوانٍ.