للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حديث الجساسة وحقيقة وجود الدجال]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم! صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.

أما بعد: أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، وإن من تقواه التمسك بكتابه وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم الذي حذرنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، فجزاه الله عنا خير ما جازى نبياً عن أمته.

عباد الله!

السؤال

هل الدجال موجود؟ وكيف تكون نهايته؟ فاسمع رعاك الله وبارك فيك.

عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنهما قالت: (خرجت إلى المسجد فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت في صف النساء التي تلي ظهور الرجال، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك، فقال: ليلزم كل إنسان مصلاه، ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكني جمعتكم لأن تميماً الداري كان رجلاً نصرانياً فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم عن المسيح الدجال، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً، فلعب بهم الموج شهراً كاملاً في البحر، وأرفئوا إلى جزيرة في البحر حين مغرب الشمس، فجلسوا في أقرب السفينة -إما في آخر السفينة أو في القارب الصغير الذي يكون في السفينة- فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثيرة الشعر لا يدرون ما قبله من دبره؛ من كثرة شعر هذه الدابة، فقالوا: ويلك ما أنت؟ قالت: أنا الجساسة -يعني: التي تجس الأخبار للدجال - انطلقوا إلى هذا الرجل في هذا الدير؛ فإنه إلى خبركم بالأشواق، قال -أي: تميم -: لما سمت لنا رجلاً فرقنا -يعني: خفنا- منها أن تكون شيطانة، قال تميم رضي الله عنه: فانطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقاً، وأشده وثاقاً، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد، قلنا: ويلك ما أنت؟! قال: قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم -يعني: ثارت بهم أمواجه- فلعب بنا الموج شهراً ثم أرفأ بنا إلى جزيرتك، فقال: أخبروني عن نخل بيسان -مكان بين الأردن وفلسطين- قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ قلنا له: نعم، قال: أما إنه يوشك ألا يثمر، قال: أخبروني عن بحيرة طبرية، قلنا: وماذا عن شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء، قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب، قال: أخبروني عن عين زغر -قرية بمشارف الشام فيها عين-، قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا: نعم، هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها، قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكة ونزل بيثرب -يعني المدينة-، قال: أقاتله العرب؟ قلنا له: نعم، قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه، قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا له: نعم، قال: أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه -قالها وهو الدجال! - قال تميم: فقال لنا: إني مخبركم عني: إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج، فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة؛ فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة منهما استقبلني ملك بيده سيف صلت يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها) وهذا حديث صحيح وصريح وثابت من طرق متعددة.

فـ الدجال موجود، وينتظر فقط أن يؤذن له، والله أعلم.