للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موت معاذ بن جبل رضي الله عنه]

ثم يموت أعلم الأمة بالحلال والحرام معاذ رضي الله عنه وأرضاه، كانت ساعة احتضاره بليل، فقال لابنه: أصبحنا؟ قال: ليس بعد.

ثم سأله مرة ثانية: أصبحنا؟ قال: ليس بعد، ثم سأله مرة ثالثة قال: أصبحنا؟ قال: نعم، قال: أعوذ بالله من ليلة صبيحتها إلى النار أعوذ بالله من ليلة صبيحتها إلى النار ثم أخذ يدعو ربه ويناجيه ويقول: اللهم إنك تعلم أني كنت أخافك، وأنا الآن أرجوك، اللهم إنك تعلم أني كنت أخافك وأنا الآن أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا لطول البقاء، ولا لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لصيام الهواجر، وقيام الليل، ومجالسة العلماء.

انظر على ماذا يبكون انظر على ماذا يتحسرون، ونحن: النفس تبكي على الدنيا وقد علمت أن السلامة فيها ترك ما فيها لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبنيها فإن بناها بخير طاب مسكنه وإن بناها بشر خاب بانيها مات لأن الله قال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر:٣٠] الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت.

امرأة من الصالحات أُلقي في روعها أنها تموت، فقالت لزوجها: أريد أن أذهب إلى مكة، أريد أن أرى بيت الله جلّ في علاه، ودّعت الصغير والكبير كأنها تودعهم لآخر مرة، طافت وسعت ودعت وتضرعت، ثم في طريق العودة انقلبت السيارة وأصيبت في رأسها إصابة بالغة، فنزل زوجها ومددها على جانب الطريق فإذا هي رافعة إصبعها السبابة تتشهد وتقول: لا إله إلا الله، أقرئ أهلي مني السلام وقل لهم الملتقى الجنة.

ماتت لأن الله قال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر:٣٠] ولأن الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت.