للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مؤامرة اليهود في إحراق المسجد الأقصى]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عباد الله! إن ما يحدث في فلسطين على مرأى ومسمع من العالم كله، لمأساة إنسانية ذات أبعاد خطيرة لم نسمع بمثلها، حيث لم ير العالم شعباً كاملاً يعاني التهجير والنفي والاغتصاب للأملاك والأعراض مع القتل والأسر وسائر سلوك الأذى، ثم يظل قسم من هذا الشعب في وضع معيشة إجبارية خارج أرضه ووطنه، وقسم يعاني حياة ذليلة داخل أرضه ووطنه، حيث يتحكم اليهود والخونة بمصادر رزقهم، حتى اضطر كثير من العمالة الفلسطينية إلى ما هو أسوأ من أكل الميتة، ألا وهو العمل في بناء المستوطنات وتعمير القرى والبلدان التي يستولي عليها اليهود، مقابل لقمة عيش ممزوجة بمرارة الاضطرار، وحرارة العوز والافتقار.

والأعجب من هذا كله أن يفرض على هذا الشعب أن يحيا أعزل من السلاح، أعزل من كل سلاح يمكن أن يدافع به عن نفسه إلا سلاح الحجارة، فأي عصر حجري هذا الذي نعيشه! بأي حق وبأي عرف أو قانون يحرم شعب كامل من الدفاع عن دمه وعرضه وماله وأرضه، وإن دافع نسب إليه الإرهاب والتطرف.

لا تلمني إن مس عقلي ذهول أو تداعى تحملي واصطباري فدموع اليتامي عبر الحنايا سلبت في الخطوب كل وقار وجراح الأقصى تمزق صدري وعدو الإسلام يحتل داري أحبتي! في مثل هذه الأيام وقبل (٣٥) سنة، تم إحراق المسجد الأقصى بتواطؤ من السلطات الإسرائيلية، التي قامت بقطع المياه عن منطقة المسجد فور حصول الحريق، وحاولت منع المواطنين العرب وسيارات الإطفاء من القيام بإطفاء النار، وكاد الحريق يأتي على قبة المسجد المبارك، حيث استمات المسلمون الذين اندفعوا عبر النطاق الذي ضربته قوات الشرطة الإسرائيلية، وتمكنوا من إطفاء الحريق، ومع أنه استمات المسلمون في إطفاء الحريق إلا أن النار أتت على منبر المسجد، واشتعلت في سطح المسجد الجنوبي، وأتت على سقف ثلاث أروقة وجزء كبير من هذا القسم، وادعت إسرائيل أن التماساً كهربائياً كان السبب في الحريق، ولكن تقارير المهندسين العرب أوضحت بجلاء لا يدع مجالاً للشك أن الحريق تم بفعل أيد مجرمة، مع سبق الإصرار والتصميم.

مما اضطر الحكومة الإسرائيلية إلى الادعاء بأن شاباً أستراليا يدعى دنس مايكل ويبلغ من العمر (٢٨) سنة، كان قد دخل فلسطين المحتلة قبل (٤) أشهر من وقوع الحريق، هو الذي ارتكب هذه الجريمة، وزعمت حكومة الاحتلال أنها قبضت عليه وستقدمه للمحاكمة، ولكن لم يمض وقت طويل حتى أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن دنس مايكل هذا مجنون، وأطلقت سراحه.

إنها ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة في سلسلة اعتداءاتهم على الأقصى وعلى شعب فلسطين، ولست اليوم أذكركم بحق الأقصى وبحق فلسطين وأهلها، ففضل الأقصى عظيم، وحق أهل فلسطين أعظم، لكن لماذا تجرأ علينا أحفاد القردة وعباد الصليب؟ ولماذا هذا الصمت المطبق من العالم أجمع ومن العالم الإسلامي خاصة؟ أما كانت لنا الصافنات الجياد نصول على الظالم المجرم فكانت لنا عزة المؤمنين نباهي بها هامة الأنجم فماذا دهانا لنرضى الهوان أناخ على القدس في مأتم يلوث بالرجس ساحاتها ويختال في ليلها المظلم