للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيف تكون الاستجابة لله]

فاستجيبوا لربكم بتوحيده وعدم الإشراك به، استجيبوا لربكم بفعل أوامره وترك نواهيه، واستجيبوا لربكم بحب أوليائه ومعاداة أعدائه، واستجيبوا لربكم بحب رسوله وطاعة أوامره وترك نواهيه، واستجيبوا لربكم بالمحافظة على الصلوات، والمداومة على الطاعات، واستجيبوا لربكم بترك النواهي واجتناب المحرمات، فإن لم تستجيبوا: ((مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ)) أي: ليس لكم حصون تتحصنون بها، ولا مكان يستركم، فالله محيط بكم بعلمه وبصره وقدرته: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم:٩٣ - ٩٥].

فالمقصود: استيجبوا لربكم قبل أن يأتي ذلك اليوم العظيم، وعليك يا محمد! -صلوات ربي وسلامه عليه- أن تحذر الناس وتبلغهم هذا الأمر العظيم، وتذكر لهم يوم القيامة وما فيه من الشدائد والأهوال، فإن أعرضوا فإنما عليك البلاغ، وهذا هو المطلوب من الرسل ومن أتباع الرسل ومن الدعاة المخلصين، قال الله عن رسوله: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ} [الغاشية:٢١ - ٢٤]، ثم قال له: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة:٢٧٢].

ثم بين الله حال الإنسان عند النعم والرخاء والفرح، وحاله عند النقم والبلاء والشدة، فهناك أناس لا يعرفون الله إلا في الشدة، وأما في الرخاء فهم في لهو ولعب وضياع، كما قال الله: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا * قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا} [الإسراء:٨٣ - ٨٤].