للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسلحة الشيطان في إغواء البشرية]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.

أما بعد: عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله عباد الله: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:٢٨١].

وكما أن أساليب الشيطان كثيرة فأسلحته أيضاً كثيرة، ومن أعظم أسلحته: أم الخبائث وهي الخمر، وما أدراك ما الخمر؟ فكم ارتكبت من جرائم تحت تأثير المسكرات والمخدرات! وكم يقطع الناس آلاف الأميال لإشباع الأهواء والرغبات ابتداءً بالخمور والمسكرات! وكم تهدمت بيوت بسبب أم الخبائث! يحكى أن امرأة جاءت إلى عابد ومعها طفل صغير وكأس من الخمر، فقالت له: أنت بين خيارات: إما أن تزني بي، وإما أن تقتل هذا الغلام، وإما أن تشرب الخمر، فظن أنه سيختار أهون هذه الأمور الثلاثة، فقال: أشرب الخمر ولا أزني ولا أقتل أحداً، فلما شرب الخمر تخمر عقله، والخمر معناها مأخوذ من التغطية، نقول: خامر الشيء إذا غطاه، والخمر تغطي العقل فلا يفكر الإنسان في عواقب الأمور.

فشرب الخمر، فلما طار عقله زنى بالمرأة، فلما زنى بالمرأة وعلم عظيم جرمه قتلها وقتل الغلام؛ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الخمر أم الخبائث).

والملعونون في الخمر عشرة: شاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وعاصرها، ومعتصرها، ومشتريها، وبائعها، وآكل ثمنها، وساقيها، وما ذاك إلا لعظيم أثرها في الإفساد والتزيين.

ومن أعظم أسلحته التي انتشرت اليوم في كل بيت إلا من رحم الله: الموسيقى والألحان، حتى أصبحت قلوبنا لا تتأثر بالقرآن؛ لأنها ملئت بمزامير الشيطان، وصدق الله حين قال: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:٦١ - ٦٢]، ثم قال الله له: {اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [الإسراء:٦٣ - ٦٤].

فإذا أتى الرجل أهله ولم يذكر الله شاركه الشيطان، وإذا أكل طعامه ولم يذكر الله شاركه الشيطان، وإذا دخل بيته ولم يذكر الله دخل معه الشيطان، فكم هي البيوت التي تسكنها الشياطين اليوم! لقد انتشرت الموسيقى والألحان كانتشار النار في الهشيم، فلا يكاد يخلو منها بيت ولا سيارة ولا مكتب ولا مطار، فكل أماكننا أصبحت أماكن لمعازف الشيطان والعياذ بالله! فأسألك بالله إن كنت عاقلاً: ماذا استفدنا من المعازف والألحان؟ ثم قل لي: ماذا استفدنا من هؤلاء الذين يغنون ويطبلون ويرقصون استجابة للشيطان؟! ماذا استفدنا منهم؟ وماذا يقدمون للمجتمع؟ إنّ الطبيب يعالج المرضى، والمدرس يكافح الأمية ويعلم الصغار والكبار، والفلاح يزرع، والصانع يصنع، وأما المغني والمغنية، والراقص والراقصة، والممثل والممثلة، فماذا يقدمون للمجتمع؟! ماذا يقدم لنا هؤلاء؟! بكل صراحة إنهم يقدمون لنا الفاحشة والرذيلة، ويقدمون لنا الزنا بكل صوره، ويدعوننا إلى شرب الخمور، ومعاقرة النساء، والسفر للسياحة إلى بلاد الكفار، أليس هذا هو الواقع؟ أي عاقل يقول: إن كلمات الأغاني تدعو إلى مكارم الأخلاق والفضيلة؟! ومع هذا امتلأت بيوتنا وسياراتنا بمعازف الشيطان، فأمة الإسلام هجرت القرآن، واتخذت معازف الشيطان لها شعاراً بالليل والنهار، فكيف تنتصر على أعدائها؟! إن حب القرآن وحب الألحان في قلب عبد مؤمن لا يجتمعان؛ فلذا أصبحت قلوبنا أقسى من الحجارة، والسبب: أنها تعلقت بمزامير الشيطان.

وقد سئل الإمام أحمد عن الموسيقى والألحان فقال: لا يفعلها عندنا إلا الفساق، وقال شيخ الإسلام: أولئك هم المخنثون عندنا.

فأسألكم بالله العظيم: لو رأى الإمام أحمد وشيخ الإسلام الفيديو كليب اليوم ماذا سيقولان؟! ولو رأيا نساءنا يتمايلن بأجسادهن وشعورهن على الشاشات والقنوات، وأمم من البشر يسهرون حتى ساعات الليل الأخيرة على المعازف والألحان ماذا سيقولان؟! ها هو الأقصى يلوك جراحه والمسلمون جموعهم آحاد يا ويحنا ماذا أصاب رجالنا أو ما لنا سعد ولا مقداد ومن أسلحته أيضاً: السحر والشعوذة، والكهنة والعرافين، فكم أضلوا وأفسدوا! وكم فرقوا ودمروا من بيوت! وكم فرقوا بين زوج وزوجة! {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة:١٠٢].

ومن أعظم أسلحته التي تظهر قلة الحياء، وقلة الغيرة على الدين: النساء، وما أدراك ما النساء؟ فهن أعظم سلاح للشيطان، فإذا عجز الشيطان عن الرجل الصالح جاءه من باب النساء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل منكن)، فاذهب إلى الأسواق وانظر إلى الكاسيات العاريات، ثم قل بكل صراحة: أين الآباء؟! وأين ولاة الأمور؟! وأين من استرعاهم الله الرعية؟! أين هم حتى يروا بناتهم وفتياتهم يتلاعب الذئاب بهن في كل مكان.