للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصة أبي الدحداح وزوجه]

جاء أبو الدحداح إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا رسول الله، ملك الملوك يستقرضنا، الغني يستقرض الفقراء، القوي يستقرض الضعفاء، قال: كيف ذلك يا أبا الدحداح؟ قال: الله يقول: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة:٢٤٥]، قال: (نعم هو يستقرضكم حتى يرفع من درجاتك) فقال: يا رسول الله! أشهدك أن لي بالمدينة حائطاً فيه ستمائة نخلة، وإني أقرضتها الله ورسوله.

يقول علي رضي الله عنه: كان الرجل منا يعمل من مغيب الشمس حتى طلوعها بأجرة تمرة أو تمرتين، فخرج إلى بستانه فإذا بـ أم الدحداح، فجعل يخاطبها شعراً، يقول لها: بيني، أي: أخرجي من الحائط واتركيه.

بيني من الحائط بالوداد فقد مضى قرضاً إلى التنادي أقرضته الله على اعتماد بالطوع لا مَنٌ ولا ارتداد إلا رجاء الضِّعف في المعاد فارتحلي بالنفس والأولاد والبر لا شك فخير زاد قدمه المرء إلى المعاد فأخذت أم الدحداح تخاطبه شعراً وتقول: بشرك الله بخير وفرح مثلك أدى ما لديه ونصح قد نفع الله صغاري ومنح بالعجوة السوداء والتمر الملح والمرء يسعى وله ما قد كدح طول الليالي وعليه ما اجترح وقذفت التمرات وأخذت الصبية الصغار من أيديهم، وخرجت خالية اليدين.

استقرضهم فأقرضوه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ربح البيع أبا الدحداح كم لـ أبي الدحداح من جذع نخل في الجنة رداح)، فلا بد أن نعلم ونتيقن أن المال لن ينفعنا إلا إذا أنفقناه، أما تكديس الأموال وتجميعها فإن الله يقول فيها: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة:٣٤ - ٣٥].