للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العقوبات من أشراط وعلامات الساعة]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.

أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله.

اتقوا الله عباد الله! فقد أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أن هذه الزلازل من أشراط الساعة ومن علامات قربها، فقد قال بأبي هو وأمي فيما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، ويتقارب الزمان، وتكثر الزلازل، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج, قيل: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: القتل القتل!).

وها أنتم ترون بأم أعينكم كثرتها وتتابعها في هذا الزمن مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم, فماذا بعد ذلك؟ فماذا بعد ذلك؟ قال الله: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ * فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد:١٨ - ١٩].

عباد الله! إذا كانت زلزلة دقائق وثوان صنعت هذا الدمار والهلاك فكيف بزلزلة يوم يجعل الولدان شيباً؟! لقد جعل الله هذه الآيات والأحداث عبرة وعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، قال جل في علاه: {إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ * فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ * يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة:١١ - ١٨].

يا الله! كم مرة قرأنا قول الله: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة:١ - ٨].

إنها زلزلة يوم القيامة! وما أدراك ما يوم القيامة؟! في ذلك اليوم يشتد غضب الجبار جل جلاله, فيقبض الأرض بيمينه, والسماوات بشماله وينادي: أنا الملك, أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم ينادي الجبار: يا آدم! أخرج بعث النار فيقول آدم: وما بعث النار؟ فيقول الجبار: من كل ألف تسعمائة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: (فحينها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد).

لذلك حذرنا ربنا فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج:١]، كيف سيكون حالي وحالك؟! {إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً * وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} [الفجر:٢١ - ٢٣].

يا مخطئاً ما أجهلك عصيت رباً عدلك وأقدرك وأمهلك عجل وبادر أملك واختم بخير عملك وناد رباً فضلك لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك اتقوا الله عباد الله!