للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (فالمغيرات صبحاً فوسطن به جمعاً)

قال الله تعالى: {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} [العاديات:٣].

المغيرات: هي الخيل تغير على العدو صباحاً، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: وهذا على الأغلب، أي: الأغلب أن الغارة تكون صباحاً.

وتعلمون في الحروب الأخيرة هذه الأيام أن أعداء الله عز وجل يبدءون بصب نيرانهم وحممهم في وقت الفجر أو في وقت السحر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أغار على قوم فوصل ليلاً ينتظر حتى إذا أصبح أغار عليهم عليه الصلاة والسلام، كما قال: (الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين).

يقول تعالى: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات:٤].

أي: أنَّ هذه الخيل هيجت تراباً وغباراً، والنقع: هو التراب، وقيل: بل المراد بالنقع الصوت، ومنه قول عمر رضي الله عنه لما توفي سيف الله المسلول خالد رضي الله عنه فاجتمع أهله من النساء يبكين: ما على نساء بني المغيرة أن يبكين على أبي سليمان ما لم يكن نقعاً أو لقلقة، فالنقع هو رفع الصوت بالبكاء.

يقول سبحانه: {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} [العاديات:٥].

أي: هذه الخيل توسطت العدو، وهذا كله حكاية عما كان في تلك السرية، سرية المنذر بن عمرو الأنصاري، فهذه الخيل عدت وأغارت وأثارت تراباً وتوسطت أولئك الأعداء من بني كنانة، وسلمهم الله عز وجل وأغنمهم.