للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خلاف أهل العلم في المقصود بالكافرين في قوله تعالى (والكافرون هم الظالمون)]

يقول الله عز وجل: ((مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)).

قال الزمخشري: الكافرون أي: مانعوا الزكاة، واستدل بقول الله عز وجل: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت:٦ - ٧]، قال: وقد سماهم الله كافرين تغليظاً مثلما قال: {لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:٩٧]، ((وَمَنْ كَفَرَ)) أي: ومن لم يحج فإن الله غني عن العالمين.

والمراد بالكافرون هاهنا على قول الزمخشري: مانعوا الزكاة، لكن أهل التفسير قالوا: الكافرون هم الذين يلقون الله عز وجل كفاراً، أي: لا أظلم ممن وافى الله يوم القيامة كافراً، فهؤلاء الذين ظلموا الحق فأنكروه، وظلموا أنفسهم فأوردوها موارد الهلاك، وظلموا الناس وصدوهم عن الهدى، وفتنوهم عن الإيمان، وموهوا عليهم الطريق، وحرموهم من الخير.

قال عطاء بن دينار رحمه الله: الحمد لله الذي قال: ((وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ولم يقل: والظالمون هم الكافرون؛ لأنه لو قال كذلك لكان كل ظالم كافر، لكن الله عز وجل أخبر في هذه الآية أن كل كافر ظالم، وهذا تشهد له نصوص كثيرة كقول الله عز وجل: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام:٢١]، وقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [البقرة:١١٤]، وغير ذلك من الآيات.