للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أنواع العقود]

قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا)) الوفاء: هو الإتيان بالشيء وافياً كاملاً لا نقص فيه، والعقود: هي العهود، وحكى شيخ المفسرين الطبري رحمه الله الإجماع على أن العقود هي العهود، والعقود معرفة بالألف واللام للاستغراق، فالمطلوب من المسلم أن يفي بالعقود التي أمر بالوفاء بها، وأولها: العقد الذي بينه وبين الله عز وجل، وهو الإقرار بألوهيته وربوبيته: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف:١٧٢] هذا عهد وعقد بين كل إنسان وبين ربنا جل جلاله.

ثم العقد العام الذي أخذه الله على آدم حين أهبطه من الجنة، كما قال تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:٣٨] فهذا عهد عام بيننا وبين ربنا جل جلاله مطلوب منا فيه أن نتقيد بالضوابط التي وضعها ربنا جل جلاله فيما أحل لنا وحرم علينا وفرض وأوجب فكل هذه عقود، فالصلاة عقد بينك وبين الله، والحج والصيام والصدقة وبر الوالدين وسائر الأوامر التي أمرت بها عقود بينك وبين الله.

ثم العقود التي بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في الحديث: (كان عليه الصلاة والسلام إذا بايع الناس يأخذ عليهم ستة أمور: ألا يشركوا بالله شيئاً، ولا يسرقوا، ولا يزنوا، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يأتوا ببهتان يفترونه بين أيديهم وأرجلهم، ولا يعصونه صلى الله عليه وسلم في معروف)، هذه عقود بيننا وبين النبي عليه والسلام، ثم قال لهم صلوات الله وسلامه عليه: (فمن وفى منكم فأجره على الله -أي: وفى بهذه العقود فأجره على الله- ومن أصاب منها شيئاً فأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له).

والأمر بالوفاء بالعقود يشمل العقود التي بين المسلمين وغير المسلمين، كما في قول الله عز وجل: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة:٢]، وقول الله عز وجل: ((وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ)).

ويشمل كذلك العقود التي بين المسلمين، كعقود النكاح، والبيوع والمداينة، ونصرة المظلوم، وكل تعاقد وقع على غير أمر محرم فهذه كلها يجب الوفاء بها.