للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تجريح الدعاة]

السؤال

أخي يحضر معي إلى الدرس، وهو يستمع لمشايخ التجريح الذين يتكلمون في الدعاة، وأنا أريد أن يترك هذا الفعل وألا يتكلم على أحد، سواء كان عالماً أو غيره، فماذا أصنع؟

الجواب

مصيبة الأمة أنها تركت نقد أعدائها وتفرغت لبعضها البعض، فيوم أن يقدح الدعاة في بعضهم تجد البعض ينقل كلامهم، بل ويجرح في بعضهم، وكان المفروض إذا أخطأ العالم أن يعالج الخطأ بينه وبين العالم الآخر، فيقول: والله أنت أخطأت في كذا والصواب كذا حفظك الله، فيصحح ويبين له الخطأ برفق ولين، أما على الملأ فينشر مدحه، لا أن يفضحه على الملأ فيقول: لا تسمعوا لهذا فإنه قطبي مبتدع، مرجئ اعتزالي، فإذا كان كل علماء الأمة أصحاب اعتزال ومرجئة فلمن نسمع يا عبد الله؟! إن خطأ العالم يصحح له سراً لا علانية، وصراع الأقران أو نزاع الأقران يطوى ولا يروى، لكن بعض الطلبة قد يذهب إلى هذا المسجد، ويذهب إلى مسجد آخر فينقل كلام الشيخ من واحد إلى آخر، وهذا خطأ عظيم، وكان الأفضل والأحسن لطالب العلم أن ينشغل بالعلم، وبمسائل الفقه، كالرهن والضمان والحوالة، لا أن ينشغل بالجرح والتعديل في المسلمين، والأدهى أن تجد منهم من يتهم غيره تهماً كبيرة، كأن يقول أحدهم: هو من الخوارج! أو هو اعتزالي! نسأل الله العافية، قل: عنده بعض الأخطاء نسأل الله لنا وله العافية، ولا مانع أن نصحح الأخطاء لبعضنا البعض، ويقيل بعضنا عثرات البعض، ويعفو بعضنا عن البعض، ونتجاوز لبعضنا عن الأخطاء، أما كما قال ابن تيمية: من الناس من هو كالذباب لا يقع إلا على مواطن العطب.

يعني: كالذباب يترك الشيء الحسن ولا يقع إلا على القبيح، فهذا لا يجوز أبداً، لذا فأنصح نفسي وإخواني ألا ننشغل بالكلام عن الدعاة، وإنما هؤلاء أعلى منا، ويمكن أن ينصح العالم صنوه أو قرينه، أما أنا وأنت فلا ننشغل بهذا الموضوع أبداً؛ لأن فيه تضييعاً وإهداراً للوقت، وفيه من الأمور ما لا يحمد عقباها على الأمة.