للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إهداء الثواب للميت]

قال المصنف رحمه الله: [وأي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر:١٠].

وقال تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد:١٩].

وروى أبو داود أن رجلاً قال للرسول صلى الله عليه وسلم: (إن أمي توفيت، أفينفعها إن قضيت عنها؟ قال: نعم).

وقال عليه الصلاة والسلام للمرأة التي قالت: (يا رسول الله! إن فريضة الله في الحج قد أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحق بالقضاء).

وأما قراءة القرآن وإهداء ثوابه للميت فالإجماع واقع على فعله من غير نكير].

أي: المذهب على أن قراءة القرآن يصل ثوابها للميت من وليه أو من أحد الصالحين، لكن لا يعني ذلك القراءة على القبر، بل المقصود بذلك القربات التي تصل إلى الأموات، وهذا الأمر مهم جداً.

وهذا الكلام في المذهب الحنبلي من كتاب ابن قدامة المقدسي، ولو أن هذه المسألة قد تواجه بالرفض من كثير من إخواننا؛ لأن المعتاد عندنا القول بأن قراءة القرآن لا تصل، ولا يفهم من كلام المصنف أن يستأجر قارئاً، أو أن يقرأ على القبور، فهاتان المسألتان لا تجوزان.

ولكن يقرأ الإنسان بنفسه، ثم يهدي ثواب ما قرأ لأخيه المتوفى.

فقراءة القرآن كسائر الأعمال، وكما أنه يعذب على الأشياء السيئة، فكذلك يؤجر على الأعمال الصالحة، وممن رجح هذا صاحب المغني، ومن العلماء من رأى أن هذا توسع في القياس؛ لأن ما يصل إلى الميت لا بد أن يكون عليه دليل، والحج جاء فيه.

والنص الصريح، (أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحق بالقضاء).

لكن بشرط أن يكون من يحج عنه قد حج عن نفسه.

والمفروض أنه إذا مات الميت ولم يحج أن يقتطع من أصول تركته مبلغاً من المال ليحج أحد الورثة عنه؛ لأن هذا دين على التركة، والآن توزع التركة دون أن ينظر هل حج أو لم يحج، والأصل أنه ما دام أنه لم يحج فلا بد أن يحج عنه أحد الورثة.

وإن لم يكن هناك ولي قادر على الحج فيستأجر أحد الناس الذين قد حجوا من غير الأولياء؛ ليحج عنه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة فقال: من شبرمة؟ قال: رجل أحج عنه يا رسول الله! فقال: أحججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة.

فالحج عن الميت يجوز، والصيام عن الميت فيه خلاف، وأما صيام النذر فلا خلاف فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صوم نذر صام عنه وليه) وأما صيام رمضان فأرجح الأقوال أن تطعم عن كل يوم مسكيناً إن مات وقد أفطر أياماً منه.

هذا هو الوارد.

وأعمال الصدقة الجارية كماء السبيل أو المصحف كل هذا يصل إلى الميت، وأما قراءة القرآن فالخلاف فيه شديد، والبحث مطلوب فيه.