للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب زكاة الفطر]

قال المصنف: [باب زكاة الفطر: وهي واجبة على كل مسلم، إذا ملك فضلاً عن قوته وقوت عياله ليلة العيد ويومه، وقدر الفطر صاع من البر أو الشعير أو دقيقهما أو سويقهما أو من التمر أو الزبيب، فإن لم يجد أخرج من قوته أي شيء كان صاعاً].

إذاً: زكاة الفطر على من تجب، وما هو وقت الوجوب، ومتى تخرج، وما هو أفضل وقت لإخراجها؟ زكاة الفطر لا تخرج إلا عيناً خلافاً للأحناف، فإنهم قالوا بإخراجها نقداً، قياساً على زكاة السائمة، فإن كان يجب عليه بنت لبون وليس عنده إلا بنت مخاض، فإنه يدفعها ويدفع الفرق عشرين درهماً، قالوا: فبما أنكم جوزتم إخراج القيمة في السائمة، فلماذا لا نقول في زكاة الفطر بجواز إخراج القيمة؟ ولكن هذا قياس مع الفارق، ولا قياس في وجود النص كما قالت الأحناف أنه لا يجوز للزوج أن يغسّل زوجته، لماذا؟ لأنه بمجرد الموت انفسخ عقد الزواج، قلنا: هذا باطل؛ لأنه ثبت أن كثيراً من الصحابة غسّلوا زوجاتهم، وقالت أمنا عائشة رضي الله عنها: لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما غسّل النبي صلى الله عليه وسلم إلا زوجاته، فأنتم قستم -أيها الإخوة الفقهاء من فقهاء الأحناف- في وجود النص، ولا قياس في وجوده.

قال الشارح: [روى ابن عمر في البخاري قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم)] إذاً زكاة الفطر واجبة (زكاة الفطر من رمضان على الذكر والأنثى، والحر والمملوك من المسلمين صاعاً من تمر) -والصاع أربعة أمداد، والمد ملء كفي الرجل المعتاد، هذا هو المد- (أو صاعاً من شعير -فعدل الناس به نصف صاع من بر- على الصغير والكبير، وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى صلاة العيد) متفق عليه.

حديث ابن عمر يقول: النبي صلى الله عليه وسلم كان يستطيع أن يخرج زكاة الفطر نقداً أم لا يستطيع، كان في عهده دراهم ودنانير أم لا؟ لماذا لم يخرجها نقداً؟ فرضها صاعاً، إذاً نحن مع النص، ولا نلجأ إلى القياس إلا في حال عدم وجود النص، وقد يقول قائل: يا شيخ! الفقير يحتاج إلى المال ولا يحتاج إلى الصاع،

و

الجواب

أن الفقير الذي يحتاج إلى المال يأخذ من زكاة المال يأخذ من زكاة عروض التجارة.

سيقول قائل آخر: الكل سيعطي الفقير أرزاً إذاً سيكون عند الفقير الكثير من الأرز؛ وسيأخذ الأرز ويبيعه لأنه يحتاج إلى المال.

و

الجواب

أنه يجوز له أن يبيع هذا الأرز للحصول على المال، فهذه شبهة لا وزن لها في ميزان الشرع، إذ أن الفقير فرضت له الزكاة من أعيان المال.

فالأنفع للفقير هو ما قرره الشرع ولو أن رجلاً عليه كفارة يمين، هل يستطيع أن يخرج ٣٠ جنيه، أم لا بد أن يطعم؟ يقول ربنا سبحانه وتعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة:٨٩].

إذاً: كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، وإذا كنت لا أريد أن أُطعم هل يجوز أن أقدم بدلاً عن الطعام مالاً؟ والجواب: لا يجوز؛ لأن الشرع قال: إطعام، فالآية جاءت بإطعام ولم تأتِ بقيمة، إذاً: نحن نلتزم بالنص كما ورد.

إذاً: الأنفع للفقير هو الذي يقرره الشرع، فقير أعطيناه ثلاثة جنيهات زكاة الفطر، أخذها وأتى بعلبة سوبر، هل هذا أنفع للفقير، فقد رأيت أن فقيراً بيته معرّش بالنخيل، والحوائط طين، والمبنى منهار تماماً، فنظرت إلى البيت فإذا بي أجد دشاً فوق البيت وسط عفش الرز، ينام على الأرض ويشتري دشاً، أهذا الفقير؟ عندنا عدم رشد اقتصادي في الاستهلاك، فالشرع له نصوص فرضها علينا، نحن نسكن في البندر نأتي برز طبعاً في الحرم تجد شيئاً طيباً عبوات أرز مثلاً بموازين مختلفة فتشتري ثم تنفق منه، وهذا هو الشرع فلا مانع مطلقاً في العزيز أن كل الإخوة التجار يعبوا شكاير ٣كيلو أو ٥كيلو أو ١٠كيلو ويكتبوا عليها زكاة فطر، فتشتري وتنفق، ما هي المشكلة؟ ليس عندنا مشكلة، بل نحن الذين نضيق على أنفسنا فيقول: أنا كذا وكذا لا يا عبد الله، ابن عمر رضي الله عنه يقول: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً) لم يقل: فرضها نقداً، وإنما قال: صاعاً، والنبي صلى الله عليه وسلم حينما يفرضها صاعاً فنحن لا نحيد عن العين إلى النقد أبداً.

وقد قال بعض الحنابلة: وإن أخرجها نقداً لم تجزئ.

ويمكن أن توكل غيرك لإخراج الزكاة وهذا يجوز.

وإذا ولدت المرأة مولوداً قبل غروب شمس اليوم الأخير من رمضان هل تلزم والده الزكاة أم لا؟ تلزمه؛ لأن وقت الوجوب هو قبل غروب شمس اليوم الأخير، إذ وقت الوجوب هو غروب شمس اليوم الأخير من رمضان، ولو مات الابن أو الأب الذي يعيش مع ولده قبل غروب شمس اليوم الأخير من رمضان، فليس عليه زكاة وإن مات بعد الغروب وجبت الزكاة، وهي دين في الذمة لأن الشمس غابت وهو على قيد الحياة، أما بعد غروبها فلا تجب الزكاة عليه.

قال الشارح: [وقدر الفطرة صاع من البر] والبر هو القمح [أو الشعير أو الدقيق أو السويق].

قال الشارح: [أو من التمر أو الزبيب لما روى