للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجامة عمداً

قال المؤلف رحمه الله: [وإن حجم أو احتجم عامداً].

كل هذا مع العمد، أما النسيان فلا شيء عليه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).

قال: [إن حجم أو احتجم عامداً ذاكراً لصومه فسد صومه].

فإن قيل: هناك حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم، وهناك حديث آخر يقول: (أفطر الحاجم والمحجوم)، فكيف يمكن الجمع بينهما؟

الجواب

المسألة خلافية، من العلماء من قال: إن حديث: (أفطر الحاجم والمحجوم) ناسخ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم: (احتجم وهو صائم)؛ لأنه احتجم أول الأمر ثم أوحي إليه أن الحجامة تفطر، فقال: (أفطر الحاجم والمحجوم)، فقوله: (أفطر الحاجم والمحجوم) ناسخ لفعله قبل ذلك، وهذا رأي الحنابلة، فهم يرون أن الحجامة تفطر الصائم، ومنهم من جمع بين النصين فقال: إذا ترتب على الحجامة دخول الدم إلى فم الحجام الذي يمص مباشرة لا عن طريق أداة يفطر الحجام، وكذلك المحجوم يترتب على خروج الدم من جسده إرهاق وتعب فيفطر أيضاً.

وعند الحنابلة أن الحاجم والمحجوم يفطران، إذ إن الدليل القولي يقدم على الدليل الفعلي، هذا كلام الأصوليين، فحديث: (أفطر الحاجم والمحجوم) قول، وحديث: (احتجم وهو صائم)، فعل، فالقول يقدم على الفعل عند الأصوليين؛ لأنه ربما فعل ذلك لمرض، والمرض يجوز له أن يفطر، ففعله جاء لأمر.

ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس وقد بدا جزء من فخذه، فدخل عمر ودخل الصديق وهو على حاله، ولما دخل عثمان جذب القميص على فخذه، فهذا فعل، وحديث: (غط فخذك فإن الفخذ عورة) قول.

إذاً: القول يقدم على الفعل؛ لأنه ربما جلس لعلة كانت في قدمه أو لأمر طارئ.

ومن العلماء من يقول: إن الحجامة العملية متأخرة عن قوله، والمسألة فيها خلاف.

قال: [(أفطر الحاجم والمحجوم) رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أحد عشر نفساً، قال أحمد: حديث ثوبان وشداد صحيحان].

وحد التواتر عند العلماء مختلف فيه، فمنهم من قال: ما زاد عن أربعة رواة اعتبروه متواتراً.