للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يفعله الحاج عند رؤيته للبيت]

قال: (فإذا رأى البيت رفع يديه وكبر الله وحمده ودعا، وروي رفع اليدين عند رؤية البيت عن ابن عمر وابن عباس)، أي: أن رفع اليدين، وقول: الله أكبر الحمد لله، ثم الدعاء، من فعل ابن عباس وابن عمر له حكم الرفع؛ لأنه لا يمكن أن نتصور أن الصحابي يأتي بعبادة من عند نفسه، بل قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ففعله، ولذا فأقوال الصحابة وأفعالهم في الأمور التعبدية لها حكم الرفع، وكذلك في الأمور العقدية المرتبطة بالعقيدة.

قال: [وروى أبو بكر بن المنذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن: افتتاح الصلاة) يعني: عند تكبيرة الإحرام (واستقبال البيت، وعلى الصفا والمروة) فيستحب بعد أن يرتقي جبل الصفا أو المروة أن يرفع يديه ويدعو الله عز وجل (وعلى الموقفين، والجمرتين) والموقفان: عرفة، ومزدلفة؛ لحديث أسامة بن زيد: (رفع يده -يوم عرفة- حتى سقط خطام الدابة من يده)، وكذلك فعل عليه الصلاة والسلام في مزدلفة.

والجمرتان: الجمرة الصغرى، والجمرة الوسطى، فيرمي الجمرة الصغرى بسبع حصيات، ويكبر بعد كل حصاة، ثم يقف مستقبل الكعبة ويدعو، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يدعو بمقدار قراءة سورة البقرة، وكذلك يفعل في الجمرة الوسطى والكبرى، لكن لا يقف يدعو بعد رمي الجمرة الكبرى، وهذا ما سنوضحه إن شاء الله في بيان صفة الحج والعمرة.

قال: (ولأن الدعاء يستحب عند رؤية البيت؛ فقد أمر برفع اليدين عند الدعاء، ويستحب أن يدعو فيقول: (اللهم أنت السلام ومنك السلام، حينا ربنا بالسلام، اللهم زد هذا البيت تعظيماً وتشريفاً وتكريماً ومهابة وبراً، وزد من عظمه وشرفه ممن حجه واعتمره تعظيماً وتشريفاً وتكريماً ومهابة وبراً، الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً كما هو أهله، وكما ينبغي لكريم وجهه وعز جلاله، الحمد لله الذي بلغني بيته، ورآني لذلك أهلاً، والحمد لله على كل حال، اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام، وقد جئتك لذلك؛ اللهم تقبل مني واعف عني، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت)، ذكر هذا الدعاء أبو بكر الأثرم، وبعضه مروي عن سعيد بن المسيب، وهو يليق بالمكان فذكرناه).

وسعيد بن المسيب كما هو معروف من كبار التابعين، ومراسيله يؤخذ بها؛ لأنه أخذها عن الصحابة، ولذلك فمراسيل التابعين الكبار، كمراسيل سعيد بن المسيب حينما يأخذونها عن الصحابة لها حكم الرفع، وأصل الدعاء هنا مشروع، فيدعو المسلم بما شاء، وهذا الدعاء الذي أورده المصنف هو على سبيل الاستئناس.