للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الطواف دون وضوء أو الإحداث أثناءه]

وهنا مسألة: ما حكم من أحدث وهو يطوف، هل يخرج ويتوضأ ثم يتم طوافه، أم يبدأ من جديد، أم ليس هناك وضوء على من طاف بالبيت؟ المسألة خلافية بين الفقهاء: جمهور الفقهاء الأربعة يرون أنه يشترط الوضوء للطواف بالبيت، ودليلهم: أن الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله أحل فيه الكلام؛ فجعلوا الطواف كالصلاة فيشترط فيه ما يشترط في الصلاة.

وشيخ الإسلام ابن تيمية -بمفرده- يرى أنه لا يشترط الوضوء للطواف بالبيت، وقال: قياس الجمهور قياس مع الفارق من وجوه، ثم أخذ يسرد تلك الوجوه رحمه الله.

والراجح هو قول جمهور الفقهاء الأربعة؛ لأن المسألة عليها أكثر من دليل.

لكن لو أحدث وهو يطوف ثم توضأ، فهل يبني على ما سبق أم يبدأ الطواف من أوله؟ من العلماء من قال: يبني على ما سبق، واعتبر كل شوط عبادة مستقلة، ومنهم من قال: يبدأ من أوله؛ واعتبر السبعة الأشواط عبادة واحدة، وذلك كمن أحدث في الركعة الثالثة من الصلاة الرباعية فخرج وتوضأ، ثم عاد يصلي من أولها.

والراجح: أنه يبني على ما سبق؛ لأن المشقة تجلب التيسير، ولا يمكن أن نقول له: استأنف، خاصة إذا كان قد أتى بخمسة أشواط أو ستة، فضلاً عن أن العلماء قالوا: إن من طاف شوطاً وأراد أن يستريح قليلاً لتعبه فله ذلك، ثم يطوف الشوط الثاني بعد قليل، بحيث لا يتسع الوقت بين الشوطين، فيكمل الطواف من حيث انتهى، لكن بإلغاء الشوط الذي كان فيه، والله تعالى أعلم.