للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدعاء عند الوقوف بجبل الصفا]

قال: [قال جابر: ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا قرأ قول الله سبحانه: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة:١٥٨]، أبدأ بما بدأ الله به -أي: أبدأ بالصفا- فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت -يعني: رقى إلى الصفا حتى رأى الكعبة- فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك وقال مثل هذا ثلاث مرات.

وكان ابن عمر يقوم على الصفا فيكبر سبع مرات ثلاثاً ثلاثاً، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم اعصمني بدينك وطاعتك وطاعة رسولك، اللهم جنبني حدودك، اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك وعبادك الصالحين، اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك وأنبيائك ورسلك وعبادك الصالحين، اللهم يسرني لليسرى وجنبي العسرى، واغفر لي في الآخرة والأولى، واجعلني من أئمة المتقين، واجعلني من ورثة جنة النعيم، واغفر لي خطيئتي يوم الدين، اللهم إنك قلت وقولك الحق: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:٦٠]، وإنك لا تخلف الميعاد، اللهم إذ هديتني للإسلام فلا تنزعني منه، ولا تنزعه مني حتى توفاني عليه، اللهم لا تقدمني للعذاب ولا تؤخرني لسوء الفتن، ويدعو دعاءً كثيراً حتى أنه ليملنا وإنا لشباب]، أي: أنه من طول دعائه لا يستطيع الشباب أن يحاكوه.

ولا يشترط الوضوء للسعي بين الصفا والمروة، والذهاب من الصفا إلى المروة يعتبر شوطاً، ومن المروة إلى الصفا شوطاً آخر، لا كما يفعله بعض الناس، فيحسب الذهاب من الصفا إلى المروة والعودة من المروة إلى الصفا شوطاً واحداً، فيسعى أربعة عشر شوطاً! والبعض قد يعقد لكل شوط دعاء، والبعض الآخر قد يلحن في قراءة القرآن، حتى تجد البعض يقول: (فلا جناح عليه أن يتطوف بهما)، والناس تردد خلفه ولا تعلم الخطأ، فينبغي على العبد أن تعلوه السكينة والوقار، وأن يعيش هذه المناسك العظيمة.

ومن اللطائف في هذا المقام: أن ابن عباس كان يرى أن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من رمضان، فلما سئل عن ذلك قال: الطواف حول البيت سبع، والسعي بين الصفا والمروة سبع، وعدد السموات سبع، وعدد الأرضين سبع، والمسلم يسجد على سبعة أعضاء، ويسمى الولد في يوم سابع ولادته، وقال تعالى: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ} [الحاقة:٧]، وقال في موضع آخر: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} [لقمان:٢٧].