للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يقاس على الأصناف الربوية]

قال العلماء: هل الربا قاصر على الأصناف الستة، أم يقاس عليها غيرها؟ قالت الظاهرية: كـ ابن حزم وغيره: ربا الفضل قاصر على الستة، وغيرهم قالوا: إن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين متماثلين، ولا تجمع بين متناقضين: لا يستوي الأعمى والبصير {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ * وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ} [فاطر:١٩ - ٢١] هذه أمور متناقضة يستحيل أن تتوافق، ولذلك يقول الله: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم:٣٥]، الذي يريد أن يساوي بين الموحد والمشرك رجل عنده خبل في ذهنه: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك:٢٢]، هل يمكن أن نسوي بين المنتقبة الملتزمة التي تلبس ملابس فضفاضة لا تصف وبين امرأة عارية؟ كيف نوفق بين هؤلاء؟ لا يمكن أن يجتمعا، ولذلك الشريعة تسوي بين المتماثلين، وعلى هذا: لماذا حرم الشرع هذه الأصناف الستة؟ ما هي العلة، قالت الأحناف والحنابلة: العلة في الذهب والفضة الوزن، وقالت المالكية: العلة في الذهب والفضة الثمن، وقال ابن تيمية: العلة في الذهب والفضة؛ لأنها ذهب وفضة، أي: الثمنية، والعلة في الأنواع الأربعة قال بعضهم: الكيل، وقال بعضهم: الوزن، وقال بعضهم: لأنها مطعومة.

لو كانت العلة في الذهب والفضة هي الوزن إذاً: فالعلة في الذهب والفضة تختلف عن العلة في الأنواع الأربعة، ولو كانت الوزن لكان كل ما يوزن فيه ربا، فالحديد يوزن، ومعنى ذلك أني لو أعطيتك طناً من الحديد وأخذت منك طنين فهذا ربا.

وهذا كلام ضعيف جداً؛ لأن العلة الراجحة هي الثمنية، وما ينطبق عليه الثمنية لابد فيه من التماثل.

مثلاً: في مجتمع كمصر جعلنا الحديد للبيع والشراء، تشتري كيلو لحمة بسيخ حديد، تشحن بترول بربع سيخ حديد، تركب ميترو الأنفاق بربع سيخ حديد، تشتري سلعاً بسيخ حديد، إذاً: الحديد هنا أصبح ثمناً للأشياء، إذاً: الربا يسري فيه، الأوراق النقدية -مثلاً- لو أعطيتك ٢٠ جنيهاً وأخذت منك ٣٠ في الحال، فهذا ربا في الورقة لأن لها ثمناً، فعلة تحريم الذهب والفضة هي الثمن، فكل ما يصبح قيمة للأشياء يصبح فيه ربا، وفي حال التعامل به لابد من التقابض والمماثلة.

بالنسبة للأصناف الأربعة العلة فيها ما قاله ابن تيمية وهو الراجح: العلة فيها أنها مطعومة -ومعنى مطعومة: أنها تؤكل ولها طعم- ومكيلة أو موزونة، وطالما أنها مطعومة تكال أو توزن يجرى فيها الربا.