للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب السلم]

الحمد لله رب العالمين.

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد: السلم: هو السلف، يسميه العلماء بيع السلم أو بيع السلف، والمعنيان صحيحان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم إلى المدينة وهم يسلفون فقال صلى الله عليه وسلم: (من أسلف في ثمر فليسلف في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم).

وبيع السلم هو أن أحتاج إلى سلعة معينة غير موجودة الآن، وستوجد بعد فترة زمنية عند فلان، وصاحبها يحتاج إلى ثمنها الآن بسعر سوقها، فأعطيه أنا الأموال ونتفق على السعر والأجل والكيل، على أن يسلمني السلعة في الوقت المحدد بيننا، فأعطيه المال لينتفع به هذه المدة، وأنا آخذ السلعة في الأجل المحدد فيما بعد؛ لذلك سماه العلماء بيع السلف.

ومن الأمثلة على بيع السلم: رجل يحتاج إلى إردب من الأرز؛ لكنه يحتاج إليه بعد ستة أشهر من موسم الأرز ولا يحتاجه الآن، فيأتي إلى تاجر الأرز -الأرز غير موجود الآن، ولو وجد الأرز لا يصح السلم- يقول له: أحتاج إلى إردب أرز قال: متى تحتاج؟ قال: في أول شهر (٧) هجرية، قال: سعره كم؟ قال: الإردب سعره ألف جنيه، فأخذ منه الألف، وحدد موعد الاستلام في أول شهر (٧) هجرية، ومقداره إردب، إذاً: في كيل معلوم إلى أجل معلوم، ففي الأول من شهر (٧) هجرية لا بد أن يسلمني السلعة بمواصفاتها المتفق عليها.

هذا يسمى بيع السلف أو السلم.

والشريعة الإسلامية أباحت هذا البيع لأسباب عديدة: البائع يحتاج إلى المال الآن، والمشتري يكون قد تخلص من المال، فربما لا يوجد المال في حين وجود السلعة، فكلاهما مستفيد.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وهو نوع من أنواع البيع]، أي: أن بيع السلم هو نوع من أنواع البيوع.

قال: [يصح بألفاظه، وبلفظ السلم والسلف، ويعتبر فيه شروط البيع، ويزيد عليه بشروط]، يعني: السلم لا بد له من شروط.