للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للغريم أن يمنع المدين من السفر أو الغزو تطوعاً إلا أن يوثق الدين

قال: [فإن أراد سفراً يحل الدين قبل مدته، أو الغزو تطوعاً فلغريمه منعه إلا أن يوثقه].

بمعنى: لو أن رجلاً عليه دين يستحقه الآخر في الوقت الفلاني، وأراد المدين أن يسافر سفراً بعيداً، بحيث أن موعد سداد الدين سيأتي وهو مسافر، عند ذلك يحل الدين قبل مدته، وللدائن المطالبة بحقه قبل سفر المدين، لكن إن سافر المدين وسيعود في موعد السداد للدين، فلا يستطيع الدائن أن يمنعه من السفر؛ لأنه سيكون موجوداً وقت سداد الدين.

قوله: [أو الغزو تطوعاً فلغريمه منعه إلا أن يوثقه]، أي: إلا أن يضمن الدين أحد الضامنين، فهنا يكون قد وثق الدين، ولذلك الضمان والحوالة والكفالة والرهن نسميها عقود التوثيق، واختار هنا المصنف: (الغزو تطوعاً)؛ لأن الغزو إذا كان فرض عين فلا يحق له أن يمنعه؛ لأنه سيمنعه عن فرض في هذه الحالة، وإنما الواجب عليه أن يذهب ويترك وصية بدينه في موعده، بل فأي أحد عليه دين يلزمه أن يترك وصية عند رأسه بذلك؛ لأن هذه حقوق يجب أن يؤديها.

قال: [برهن أو كفيل مليء لأنه ليس له تأخير الحق عن محله، وفي السفر تأخيره عن محله، وإن كان لا يحل قبله ففي منعه روايتان: إحداهما: له منعه، لأن قدومه عند المحل غير متيقن ولا ظاهر، فملك منعه منه كالأول، والأخرى: ليس له أن يمنع؛ لأنه لا يملك المطالبة به في الحال، ولا يعلم أن السفر مانع منه عند الحلول فأشبه السفر القصير].

بمعنى: إذا كان لفلان على آخر دين وسيستحقه بعد سنتين، وأراد المدين أن يسافر إلى السعودية لستة أشهر، إذاً فالدين سيحل بعد السفر، فهل يحق له أن يمنعه من السفر أم لا؟ روايتان عن أحمد: الرواية الأولى: أنه يحق له؛ لأن المسافر لا يدري متى يرجع؟ وقد يموت هناك، أو أنه بعد أن ذهب رأى أن يجدد المدة، فمنعته السلطات أن يعود في الموعد المحدد، وهذا كله وارد.

الرواية الثانية: ليس له أن يمنعه؛ لأن الموعد سيأتي في الحال.

والراجح: المنع؛ لأن المسافر لا يملك العودة، ولا يعرف متى سيعود؟ حتى وإن حدد الموعد فموعده في علم الله سبحانه وتعالى، أما أنه لو وثق بضامن أو كفيل فهذه مسألة أخرى.