للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفراغ نعمة ونقمة]

قبل أن نخوض في توجيه الشباب إلى الترتيب والإعداد لبرامج الاستفادة من الأوقات نود أن نبين لهم أن الفراغ نعمة ونقمة، فهو نعمة لمن أحسن استغلاله واستثمر أيامه، ونقمة لمن جعله موسماً لمزيدٍ من البطالة والكسل، يقول عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: [أشر شيء في العالم البطالة] معاشر المؤمنين: أيها الشباب! تذكروا أن آباءكم وأجدادكم كانوا لا يعرفون شيئاً اسمه الفراغ؛ لأنهم في شغل شاغل، في تأمين لقمة العيش وسد حاجات الحياة الأساسية، كان الواحد منهم من صغره وهو في حاجة أهله وعون والديه على النفقة على إخوانه وأخواته، وسواءً تغرب وسافر من أجل ذلك، أو عمل أجيراً ببدنه؛ لأجل ذلك في بلاده، ولم تكن مرافق الحياة وخدماتها متوفرة لهم، كما توفرت بين أيدينا في وقتنا الحاضر، إذ أننا اليوم نرى الشاب يملك من الوقت الكثير الكثير؛ خاصة أوقات الإجازة الدراسية الطويلة؛ وذلك لأن جميع مرافق الحياة ومستلزماتها وأسباب الراحة والرفاهية قد هيئت له وتوفرت بين يديه، فلا عليه إلا أن يشتغل بما هو أهم وأولى، ولكن كثيراً من الشباب لم يعرفوا قيمة نعمة الفراغ، وبالتالي لم يستثمروا الأوقات كما ينبغي، وقاد ذلك الكثير منهم إلى الوقوع في العادات السيئة الضارة المخلة بالدين والشرف، وتورط بعضهم في جرائم لم يكن يتوقع أو يظن أن يقربوها أو يقتربوها بدون ذلك الفراغ القاتل:

إن الشباب والفراغ والجده مفسدة للمرء أي مفسده

عباد الله: اعلموا إن النفس البشرية لا بد لها من شغلٍ وعمل؛ فإن لم نشغل هذه النفس ونستعملها وما معها من الجوارح في طاعة الله، فستشغلنا بغير ذلك، أي: بمعصية الله ومن هنا ننصح أنفسنا وإخواننا بترتيب الأوقات والاستفادة منها غاية الاستفادة، إذ أن الأوقات هي حياتنا ومراحل أعمارنا تطوى بليلها ونهارها؛ ولأن ما مضى منها لا يعود أبداً، وقد جاء في بعض الآثار: [ما من يومٍ تطلع فيه الشمس على ابن آدم إلا وينادي فيه مناد: يا ابن آدم! أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود أبداً] ولو عمل الإنسان الواجبات واعتنى بالمندوبات والسنن المؤكدة، واعتنى بوقتها عناية دقيقة؛ فلن يجد متسعاً لشيءٍ يسمى الفراغ أو البطالة.