للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عاقبة الفراغ وحفظ الشباب لأوقاتهم]

الله الله يا شباب المسلمين! إياكم والبطالة، ودعوا عنكم الكسل، واجتهدوا في حفظ أوقاتكم، إن الإنسان أن يفتح متجراً أو مكاناً بسيطاً يتاجر فيه وإن لم يشتغل بذكر الله والدعوة إلى الله وطلب العلم والتعليم خير له من أن يبقى عاطلاً لا عمل له، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [إني لأرى الرجل فيعجبني، فأسأل هل له من عمل؟ فيقول: لا.

فإذا قال: لا.

سقط من عيني] لأن البطالة أساس الفساد.

إن الذين وقعوا في المخدرات وتناولوها، وساروا في بيعها وترويجها، إن الذين ضعفت نفوسهم في تدبير الرشاوى، إن الذين دخلوا بالفساد على أنفسهم وأهلهم، إن الذين وقعوا في كثير من الانحرافات الخلقية وبثوا سمومهم إلى ما حولهم من أبناء مجتمعهم، كان السبب الأول في هذا هو الفراغ.

إن الفراغ هو الذي يولد المصائب وهو الذي يولد الجرائم، وهو الذي يولد المشكلات.

إذاً فينبغي لنا أن نهتم بأوقاتنا، وأن نشغل أنفسنا بطاعة الله أو بالمباحات التي تعيننا على طاعة الله، قبل أن تشغلنا النفوس بالمعاصي:

دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمرٌ ثاني

إذا اشتغل الإنسان ونفع في بلده وأسرته وفي وطنه وأمته استطاع بذلك أن يحقق لنفسه عقباً صالحاً من جميع المسلمين الذين يذكرون أفعاله بالخير ويدعون له على ما فعل، أما الذين يعيشون الليل والنهار كالبهائم لا يذكرون الله، ولا يعرفون عبادة، ولا صلاة مع الجماعة، ولا يعرفون ذكر الله طرفة عين، وقد وقعوا في حضيض الفساد وهاوية الدمار، إنهم بذلك يجرون الفساد لأنفسهم ولمجتمعاتهم، فإذا ماتوا بعد ذلك قيل عنهم: حجرة زالت عن طريق المسلمين، فينبغي للإنسان أن يجعل لنفسه في هذه الحياة لبنة تعرف له في حياته ويذكر بها بعد موته، يدعو له من رأى ثمرة عمله ونتيجة جهده يقولون: جزى الله فلاناً بن فلان خير الجزاء، فلقد فعل وفعل، مما عاد بالنفع عليه وعلى أسرته وإخوانه المسلمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، وأبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد بلادنا بسوء وأراد ولاة أمورنا بفتنة وعلمائنا بمكيدة؛ اللهم فأشغله في نفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين! اللهم اختم بالشهادة آجالنا واقرن بالعافية غدونا وآصالنا، واجعل اللهم إلى جنتك مصيرنا ومآلنا، اللهم لا تدع لأحدنا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا حيران إلا دللته، ولا غائباً إلا رددته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا مأسوراً إلا فككت أسره برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اجعل لنا من كل هم فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل بلوىً عافية، ومن كل فاحشة أمناً، ومن كل فتنة عصمة، اللهم اعصمنا عما يسخطك وجنبنا ما يغضبك، ووفقنا إلى ما يرضيك.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا غيثاً مريئاً مريعاً سحاً غدقاً نافعاً غير ضار، اللهم اسق العباد والبهائم والبلاد، اللهم لا تعذبنا بذنوبنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، واغفر لنا وتب علينا.

اللهم اهد إمام المسلمين، اللهم وفق إمام المسلمين، اللهم أصلح بطانته، اللهم قرب له من علمت فيه خيراً له، وابعد عنه من علمت فيه شراً له ولأمته، اللهم اجمع شمله بإخوانه ومن أحببته وأحبه، اللهم لا تفرح عليهم عدواً ولا تشمت بهم حاسداً برحمتك يا رب العالمين! اللهم اهد شباب المسلمين، اللهم أصلح شباب المسلمين ونساءهم وزوجاتهم وبناتهم يا رب العالمين، اللهم أرنا في شبابنا ما يرضيك ويسرنا يا رب العالمين، اللهم اجعلهم خير الشباب لأمتهم، اللهم انفعهم بأمتهم، اللهم انفع أمتهم بهم، اللهم لا تجعلهم حطباً لجهنم، اللهم لا تجعلهم ممن ينفع أعداء أمتهم، اللهم وفقهم لما فيه صلاح نياتهم وذرياتهم وقلوبهم يا رب العالمين! {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على نبيك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:٩٠] ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً، إن الله يعلم ما تصنعون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تفعلون.