للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العداوة ليست دليلاً على الضعف

إذاً: العداوة لا يخلو منها أحد وحتى الله جل وعلا له أعداء، وليس هذا أمراً وقهراً وجبراً عليه، تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً، ولكن لحكمة أرادها الله جل وعلا، إذاً فلا تجزع إذا قيل لك: إن لك أعداء، الله أعلم بأعدائكم؛ ووجود الأعداء ليست مشكلة كبيرة جداً، المشكلة ضعفك أمام الأعداء، المشكلة أعداءٌ يجهزون، ونفسٌ لا تبالي، أعداءُ يخططون، وشخصٌ نائم، أعداءٌ يتابعون، وشخصٌ متساهل، أعداءٌ ينظمون، وشخصٌ متكاسل، هذه هي البلية، أما وجود العداوة فليست بخطر، وليست دليلاً على الضعف، الله جل وعلا: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ} [الأنفال:٦٠]، فبين الله أن له أعداءً، وهل يعني كونهم أعداء لله أن الله ضعيف؟! حاشا وكلا! وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

إذاً: فليس وجود العداوة دليلاً على ضعف، بل ربما كانت العداوة دليلاً على قوتك؛ لأن الذي ليس له أعداء هذا دليل على ضعفه، قال القائل:

قُبيلةٌ لا يغدرون بذمةٍ ولا يظلمون الناس حبة خردل

إنهم مسالمون، وهذا يدل على أنه ليس لهم أعداء، وهو دليل على ضعفهم، لكن على أية حال الإنسان لا ينزعج من العداوة، فالعداوة موجودة، والعداوة قائمة، والشر موجود حتى في أنفسكم وفي نفسي، كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب قال: (ونعوذ بالله من شرور أنفسنا) أنفسنا هذه فيها شر مستطير، قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:١٠]، فالشر موجود، طريق الخير وطريق الشر، والذي يقول: ليس عندي إلا الشر، نقول: كذبت، عندك خيرٌ وشر، فإن أسلمت الزمام لداعي الشر، والنفس الأمارة بالسوء، وجعلت الشح مطاعاً، والهوى متبعاً، والدنيا مؤثرةً، وتبعت ما تزين لك وتزخرف لك؛ أصبح جانب الشر فيك عظيماً جداً، وإن خالفت ذلك؛ أصبح جانب الخير عظيماً جداً.