للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ظاهرة السب عند الأطفال]

السؤال

يقول السائل: إذا كان ابني صغيراً ويسب اكتساباً من أقاربه أثناء زيارته مع أمه أو في مدرسته، فكيف أعاقبه أو أزجره أو أمنعه من السب والشتم والسخرية اللعب؟

الجواب

حقيقة بعض الناس -يا أحبابي- لا يفرق بين الأخطاء الطفولية، أي: هناك أشياء الطفل بطبيعته ينقلها وهو لا يدري، فقد يقول أحسن عبارة ولا يدري، ويقول أقبح عبارة ولا يدري، فإذا حصل أن هذا الطفل نقل كلمة سمعها وتلفظ بها من البداية تضربه وتعاقبه مباشرة أم تجلس معه وتقوله له: يا ولدي! هذا الكلام عيب، وهذا لا يليق، وهذا لا يصح، والذي يقول هذا الكلام يصير له كذا تتفق معه على ألا يردد الكلام؟ أسلوب التفاهم عندنا مفقود، أنا سأعطيكم تجربة وقعت لي، كنت ذات يوم في ألمانيا الغربية عند أحد الأصدقاء (مدير مركز إسلامي في فرانك فورت) وكان ذلك الوقت عندي ولد واحد، هو أكبر أولادي الآن، وفي تلك الفترة لم يكن عندي تجربة مع الأولاد، فدخل عندنا في ذلك المجلس أولاد هذا الشخص (مدير المركز) فبينما نحن جلوس أخذ يخاطبهم -وهم صغار لا يفقهون كلام الكبار- أخذ يخاطبهم وكأنه يكلم عمداء كليات أو أساتذة جامعة، أي: يخاطبهم بأسلوب الكبار، يا فلان! كان أحدهم اسمه عمر والثاني سامي والثالث.

يا أولادي! فلان ابن فلان، عمكم فلان وهذا أتى من المملكة العربية السعودية، وعندنا اجتماع مهم، ونريد أن نجلس وحدنا ولا أحد يزعجنا أو يخبط الباب، وقام يكلمهم وهم منصتون يدعون أنهم يفهمون، لكن عرفوا أن المطلوب أن يخرجوا، فما هي إلا لحظات حتى خرجوا، قلت له: يا أخي! ولدي يزعجني إذا قلت له أخرج أو ادخل قال: لأنك متعود على طرده أو زجره بالأمر والقوة، لكن لو أنك تخاطب الصغير كما تخاطب الكبير لأصبح يفهم، ونحن من عيوبنا أننا لا نخاطب الصغار باللغة الفصحى يعني: العادية، لا أقصد بالفصحى أن تخرج لك مسلسلاً، لا.

إنما أقصد أن تخاطبه بالكلام الطبيعي فعندما تريه مثلاً قطاً صغيراً، وتقول: شوف هذا ثعيل، وهو يحفظ أن الصغير اسمه ثعيل، لكن لو قلت: هذا قط صغير هذا قط صغير فإنه يحفظ أن الصغير اسمه صغير، ونحن نظن أننا لو قلنا: (ثعيل) أن معناه تقريب للمعلومة، والحقيقة أنه يحفظ المسميات خطأ، بسبب أننا نجتهد اجتهاداً خاطئاً، فكذلك الخطاب معهم حينما يكون خطاباً راقياً فإنهم يتأثرون بإذن الله عز وجل.

وهنا مسألة أؤكد عليها وهي: تجديد العهد بين الأب والأم باستمرار كما في سؤال الأخ قبل قليل: كيف يحافظون على الآداب إذا كنت غائباً؟ ينبغي أن الأب إذا أراد أن يسافر أن يقول: يا أم فلان! الأولاد أمانة في رقبتك، أنا مسافر ثلاثة أيام مثلاً، فاجعلهم من رقبتي إلى رقبتك، لا أحد يتخلف عن الفجر، لا أحد يسهر بعد صلاة العشاء، لا أحد يخرج بدون إذنك، لا أحد يتغيب عن المدرسة، لا تسكتين عن شيء، وذلك بالأسلوب الطبيعي حتى تشعر الأم أيضاً أنها تحملت هذه المسئولية، أما كما قلنا غيابٌ من الأب وتواطؤٌ وتسترٌ من الأم، وغفلة من الولد وبه ضاعت الذرية، فينبغي أن نتنبه لذلك.